كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

(وأجاب) عنه من لم يجوّز اقتداء المفترض بالمتنفل بأجوبة لا تُشفى (منها) أن معاذاً كان يصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم نفلا وبقومه فرضاً " لحديث " معاذ بن رِفاعه عن رجل م بنى سَليم يقال له سُلَيمٌ أنه أتى النبىَّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن معاذَ بنَ جبل يأتينا بعدما ننام ونكونُ فى أعمالنا فى النهار فينادى بالصلاة فنخرجُ إليه فيطوّلُ علينا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاذ لا تكن فتاناً. إمّا أن تصُلى معى وإما أن تخفف عن قومك. أخرجه أحمد والطحاوى والطبرانى فى الكبير ومعاذ بن رِفاعة لم يدرك سُليمًا لنه استُشهد بأحد ومعاذ تابعى. ورجال أحمد ثقات (¬1). {108}
وجه الدلالة أن النبى صلى الله عليه وسلم خيَّر معاذاً بين أمرين: إمّا أن يصلى معه أو يصلى بقومه مع التخفيف " قال " الطحاوى: فهو يدل على أنه كان يفعل أحد الأمرين وأنه لم يكن يجمع بينهما " ورُدَّ " بأن غاية ما فيه أنه أذن له بالصلاة معه والصلاةِ بقومه مع التخفيف، أو بالصلاة معه فقط إن لم يخفف. وقد تقدم فى حديث جابر عند الشافعى وغيره التصريح بأنها لمعاذ تطوّع ولهم مكتوبة (¬2) (ومنها) أن صلاة المفترض خلف المتنفل فيها اختلاف وفى الحديث " إنما جُعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه " (¬3) " ورُدَّ " بأن المعنى لا تختلفوا عليه فى الأفعال كما بيَّنه بقوله: فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا " الخ " ولو فرض أنه يعم كل اختلاف فحديث معاذ ونحوه مخصص له " وقولهم " إن صلاة المأموم لا تتأدى بنية الإمام الخ " تعليل " فى معارضة
¬_________
(¬1) ص 242 ج 5 - الفتح الربانى. وص 238 ج 1 شرح معانى الآثار (الرجل يصلى الفريضة خلف المتطوع) وص 71 ج 2 مجمع الزوائد (من أم بالناس فليخف).
(¬2) تقدم رقم 107 ص 76.
(¬3) تقدم ص 65، 69، 76.

الصفحة 77