كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

فلذا جعلوا الورع مكان الهجرة فى الحديث لانقطاع الهجرة بفتح مكة. ففى الحديث: لا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحَ. أخرجه البخارى عن ابن عباس (¬1). {121}
(وأجاب) الجمهور (أ) بأن المنفى فيه الهجرة من مكة إلى المدينة. أو المعنى: لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبله. (ب) وبأن " حديث " والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه " لا ينافى " أن الأفضل تقديم الأسبق هجرة وكان تقيا. هذا. والمراد الرجل فى سلطانه ذو الولاية فيشمل السلطان الأعظم ونائبه. فيقدّم على صاحب البيت وإمام المسجد وغيرهما، لعموم ولايته ولو كان غيره أكثر قرآنا وفقهاً وورعاً وفضلا منه. فيكون آخر الحديث مخصِّصاً لعموم أوله. ومثل السلطان فى ذلك صاحب البيت (روى) علقمة أن عبد الله بن مسعود أتى أبا موسى الأشعرىَّ فى منزلهِ فحضرت الصلاة فقال أبو موسى: تقدم يا أبا عبد الرحمن فإنك أقدمُ سِنًّا وأعلم قال: بل أنت تقدم فإنما أتيناك فى منزلك ومسجدك فأنت أحق. فتقدم أبو موسى (الأثر) أخرجه أحمد. وفيه رجل لم يُسَمَّ. وأخرجه الطبرانى متصلا برجال ثقات (¬2). {29}
" وكذا " الإمام الراتب أحقُّ بالإمامة، لأنه إن كان مُوَلًّى من قبل السلطان أو نائبه فهو فى حكمه، وإن كان وُلًّىَ باتفاق أهل المسجد فقد صار أحق. وهى ولاية خاصة " هذا " ويستحب لصاحب البيت ونحوه أن يأذن لمن هو أفضل منه أن يصلى إماماً (والحكمة) فى النهى عن التقدم على السلطان ونحوه إلا بإذنه أن الجماعة شُرِعت لاجتماع المؤمنين على الطاعة وتآلفهم وتوادّهم. فإذا أمّ الرجلُ الرجلَ فى بيته أو سلطانه من غير إذنه أدَّى ذلك إلى توهين أمر السلطنة وخلع رِبْقَة الطاعة من السلطان، وإلى التباغض والتقاطع
¬_________
(¬1) ص 25 ج 6 - فتح البارى (وجوب النفير - الجهاد).
(¬2) ص 66 ج 2 مجمع الزوائد (إمامة الرجل فى رحله).

الصفحة 87