كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

الإمام، ولم يترتب عليه فتنة، وإلا صلوا فى أول الوقت فرادى.
(11) إمامة الأعمى: يصح الاقتداء بالأعمى اتفاقاً " لحديث " أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أُمِّ مكتومٍ على المدينة مرتين يِّصلىِّ بهم وهو أعمى. أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقى (¬1). {124}
" وقال " محمود بن الربيع: إن عِتْبَانَ بنَ مالك كان يؤم قومه وهو أعمى. (الحديث) أخرجه الشافعى والبخارى والنسائى (¬2). {125}
وهل إمامته أفضل؟ قال أبو إسحاق المِرْوزى والغزالى: إن إمامة الأعمى أفضل من إمامة البصير، لأنه أكثر خشوعاً منه، لما فى البصر من شغل القلب بالمبْصَرَات (وقالت) الشافعية: الأعمى والبصير فى الإمامة سواء، لأن فى الأعمى فضيلة أنه لا يرى ما يلهيه وفى البصير فضيلة تجنب النجاسة واستقبال القبلة بنفسه.
(وقالت) المالكية والحنفية والحنبلية: البصير أوْلى بالإمامة. لأنه أقدر عل اجتناب النجاسة واستقبال القبلة باجتهاده. وهذا هو الراجح. واختاره بعض الشافعية (قال) المِرْوَزِى: وعندى أن البصير أوْلى، لأنه يجتنب النجاسة التى تفسد الصلاة. والأعمى يترك النظر إلى ما يليهه ولا تفسد الصلاة به (¬3) ومحل الخلاف إن كان البصير مثلَ الأعمى فى أحقية الإمامة. أما إن لم يوجد بصير يساوى الأعمى فإمامته أفضل اتفاقاً. وعلى هذا يحمل استنابة النبى صلى الله عليه وسلم ابنَ أم مكتوم، لأنه لم يكن بالمدينة وقتئذ أفضل منه متفرغاً للإمامة. فلا يرد على ذلك وجودُ علىّ رضى الله عنه فى المدينة حين
¬_________
(¬1) ص 230 ج 5 - الفتح الربانى. وص 238 ج 4 المنهل العذب (إمامه الأعمى) وص 88 ج 3 - السنن الكبرى. وابن أم مكتوم، اسمه عمرو بن قيس، وأمه عاتكة بنت عبد الله.
(¬2) ص 129 ج 1 بدائع المنن (الإمامة ومن أحق بها) وص 108 ج 2 فتح البارى (الرخصة فى المطر والعلة) وص 127 ج 1 مجتبى (إمامة الأعمى).
(¬3) ص 286 ج 4 شرح المهذب.

الصفحة 89