كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

استخلف النبى صلى الله عليه وسلم ابنَ أُمِّ مكتوم، لأن علياً كان مشغولا بالقيام بحفظ مَنْ وكل إليه حفظهم من أهل البيت حذراً من أن ينالَهم عدوُّ بمكروه.
(12) إمامة العبد: تصح إمامته بلا كراهة عند الشافعى وأحمد وإسحاق والثورى. والحرّ أوْلى، لما تقدم عن ابن عمر أن سالما مولى أبى حذيفة كان يؤم المهاجرين الأولين وفيهم عمرُ بن الخطاب ,أبو سلمة بن عبد الأسد (¬1). وكانت إمامته بهم قبل أن يعَتِقَ وقال ابن قدامه: وروى أن أبا سعيد مولى أبى أُسَيْد قال: تزوجتُ وأنا عبد فدعوتُ نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابونى، فكان فيهم أبو ذر وابن مسعود وحذيفةُ، فحضَرَت الصلاةُ وهم فى بيتى، فتقدم أبو ذر ليصلى بهم فقالوا له وراءكَ فالتفت إلى ابن مسعود فقال أكذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال نعم. فقدّمونى وأنا عبدٌ فصليتُ بهم. رواه صالح فى مسائله. {40}
وهذه قصة مثلها ينتشر ولم تنكر ولا عُرف مخالف لها فكان ذلك إجماعاً (¬2) (وعن ابن أبى مُليكة) أنهم كانوا يأتون عائشةَ بأعلى الوادى هو وعُبيدُ بنُ عُميْر والمِسْوَرُ بنُ مَخْرَمة وناس كثير فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشةَ وأبو عمرو غلامها حينئذ لم يَعتِق. أخرجه الشافعى وعبد الرازق (¬3). {41}
(وقال) الحنفيون وأبو مِجْلز التابعى: تكره إمامته تنزيهاً، لأنه لا يتفرغ للتعلم فيغلب عليه الجهل وتقل رغبة الناس فى الاقتداء به فيؤدى إلى تقليل الجماعة المطلوب تكثيرها، فإن عُدمتْ علة الكراهة بأن كان أفضل من غيره فلا كراهة فى إمامته.
¬_________
(¬1) تقدم رقم 119 ص 86 (الأحق بالإمامة).
(¬2) ص 29 ج 2 مغنى (إمامة العبد).
(¬3) ص 129 ج 1 بدائع المنن (الإمامة ومن أحق بها).

الصفحة 90