كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

ولأنه لا يهتم لأمر دينه وفى تقديمه تعظيم له وليس من أهل التعظيم. وهو الراجح عند المالكية بناء على أن العدالة شرط كمال فى الإمام (¬1). وقيل تحرم إمامته وقيل تبطل صلاته بناء على أن العدالة شرط صحة، لأن الإمامة من باب الأمانة والفاسق خائن، ولهذا لا شهادة له لكون الشهادة من باب الأمانة (والمشهور) عند الشافعية كراهة إمامته، ونقل العلامة الشِّرْوَانى فى حاشيته على شرح التحفة عن البِرْماوى أنه يحرم على أهل الصلاح والخير الصلاةُ خلف الفاسق والمبتدع ونحوهما، لأنه يحمل الناس على تحسين الظن بهم.
(ومشهور) مذهب الحنبلية أنه لا تصح إمامة الفاسق - وهو من أتى كبيرة أو دوام على صغيرة - ولو لمثله، لأن الفاسق لا يقبل خبره لمعنى فى دينه فأشبه الكافر، ولأنه لا يؤمن على شرائط الصلاة، إلا أن خيف أذاه فَيُصَلَّى خلفه دفعاً للمفسدة وتُعاد، وإلا فى صلاة الجمعة والعيد إذا تعذرت صلاتهما خلف غيره، فتصح إمامته فيهما للضرورة. ودليل ذلك ما تقدم عن جابر أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: لا تَؤُمَّنَّ امرأةٌ رجلا ولا فاجر مؤمناً إلا أن يَقهرَه بسلطان يخاف سيفه أو سوطه. أخرجه ابن ماجه والبيهقى بسند واه كما تقدم (¬2) (قال) البهوتى: ولا تصح إمامة فاسق مطلقاً أى سواء كان فسقه بالاعتقاد أو الأفعال المحرمة (¬3) (وقال) ابن إدريس الحنبلى: ولا تصح إمامة فاسق " بفعل " كزان وسارق وشارب خمر ونَمَّام ونحوه " أو اعتقاد " كخارجىّ ورافضىّ ولو كان مستوراً ثم قال: فلا يصح أن يؤم فاسق فاسقاً لأنه يمكنه رفع ما عليه من النقص بالتوبة عُلم فسقه
¬_________
(¬1) محله إذا لم يتعلق فسقه بالصلاة كأن يقصد بتقدمه الكبر أو يخل بركن أو شرط. وحينئذ تبطل صلاته اتفاقاً. وكذا إن أخل بسنة على القول ببطلان صلاة من تعمد تركها. ص 134 ج 1 حاشية الصاوى على صغير الدردير.
(¬2) تقدم رقم 89 ص 56 (الرابع الذكورة).
(¬3) ص 291 ج 1 شرح المنتهى (فصل فى الإمامة).

الصفحة 92