كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

ابتداء أولا، فيعيد المأموم إذا علم فسق إمامه. واختار الشيخان أن البطلان مختص بظاهر الفسق دون خفيِّه (قال) فى الوجيز: لا تصلح خلف الفاسق المشهور فسقه، لكن ظاهر المذهب مطلقاً قاله فى المبدع. وتصح الجمعة والعيد خلف فاسق بلا إعادة إن تعذرت خلف غيره لأنهما يختصان بإمام واحد فالمنع منهما خلفه يؤدى إلى تفويتهما. نعم لو أقيمتا فى موضعين فى أحدهما عَدْلٌ فعلهما وراءه ونُقل عن ابن عبد الحكم أنه كان يصلى الجمعة ثم يصلى الظهر أربعاً. وإن خاف أذى بترك الصلاة خلف الفاسق صلى خلفه دفعاً للمفسدة وأعاد لعدم براءته (¬1).
(والراجح) ما ذهب إليه الجمهور من صحة الصلاة خلف الفاسق مع الكراهة (وأجابوا) عن حديث جابر بأنه ضعيف لا تقوم به حجة كما تقدم. وعلى فرض صحته فالنهى فيه محمول على الكراهة كما أن الأمر فى حديث: مِرْثد وابن عمر محمول على الندب " ولا ينافى " الكراهة (حديث) مكحول عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: صلوا خلف كل بّر وفاخر. أخرجه الدار قطنى وقال: مكحول لم يسمع من أبى هريرة ومَن دونه ثقات (¬2). {129}
" لأنه " ورد فى سد باب الخروج على الأئمة، ولأنه مجمع على ضعفه حتى قال بعض العلماء بوضعه. وأخرجه أبو داود والبيهقى بلفظ: الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم بَرُّا كان أو فاخراً وإن عمِل الكبائر (¬3). {130}
وهو منقطع فإن مكحولا لم يدرك أبا هريرة. وسئل عنه أحمد فقال: ما سمعناه بهذا. وقال الحاكم: هو حديث منكَر. وللبيهقى فى هذا الباب أحاديث
¬_________
(¬1) ص 306 ج 1 كشاف القناع (فصل فى الإمامة) وأراد بالشيخين: موفق الدين أبا محمد عبد الله بن قدامة. وأبا العباس أحمد بن تيمية.
(¬2) ص 185 سنن الدار قطنى.
(¬3) ص 316 ج 4 المنهل العذب (إمامة البر والفاجر) وص 121 ج 3 - السنن الكبرى (الصلاة خلف من لا يحمد فعله).

الصفحة 93