كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

(وعلى الجملة) فالأصل عدم اشتراط عدالة الإمام. وأن كل من صحت صلاته لنفسه تصح صلاته لغيره. ويؤيده ما ذكرنا من الأدلة وإجماع الصدر الأول عليه. فمن قال باشتراط العدالة كالحنبلية ورواية عن مالك يحتاج إلى دليل ينقل عن هذا الأصل. واعلم أن محل النزاع إنما هو فى صحة الصلاة خلف الفاسق ولا خلاف فى أنها مكروهة، ولذا كان بعض الصحابة يصارح من يراه مخالفاً فى شئ من الصلاة بعدم الصلاة خلفه " روى " موهوب ابن عبد الرحمن عن أنس بن مالك أنه كان يُخالفِ عمرَ بن عبد العزيز فقال له عمر: ما يحملك على هذا؟ فقال إنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلى صلاةً متى تُوافِقُها أصلى معك ومتى تخالفها أصلى وأنقلب إلى أهلى. أخرجه أحمد بسند رجاله ثقات (¬1). . {133}
(وعن) أبى أيوب الأنصارى أنه كان يخالف مروانَ بنَ الحكم فى صلاته فقال له مرَوانُ: ما يحملك على هذا؟ قال، إنى رأيتُ النبى صلى الله عليه وسلم يصلى صلاة إن وافقتهَ وفافقتكَ. وإن خالفتهَ صليتُ وانقلبت إلى أهلى. أخرجه الطبرانى فى الكبير بسند رجاله ثقات (¬2). {134}
(14) إمامة المبتدع: هو من يرتكب - بنوع شبهة أو استحسان - ما أُحْدِث على خلاف الحق المتلقى عن النبى صلى الله عليه وسلم " من عِلم " كمنكر الرؤية قائلا لا يرُى سبحانه وتعالى لعظمته وجلاله " أو عمل " كمن يؤذّن بحىّ على خير العمل " أو حال " كمن يسكت معتقداً أن مطلق السكوت
¬_________
(¬1) ص 190 ج 5 - الفتح الربانى. و (يخالف) أى يتخلف عن الصلاة معه وهو أمير على المدينة فى خلافه الوليد بن عبد الملك، لأنه كان يؤخرها عن أول وقتها كعادة بنى أمية ثم رجع عمر بن عبد العزيز عن ذلك. و (أصلى) بإثبات الياء فى الموضعين. وعليه فتى ظرفية بمعنى حين، أو شرطية رفع جوابها على لغة ضعيفة. قال ابن مالك:

وبعد ماض رفعك الجزاء حسن ورفعه بعد مضارع وهن
(¬2) ص 68 ج 2 مجمع الزوائد (الإمام يسئ الصلاة).

الصفحة 95