كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 3)

لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتاب الله (¬1) ولأنه مكلّف أهلٌ للإمامة. وإن غلب عليه الجهل والفسق، كرهت إمامته تحريماً اتفاقاً لما تقدم.
(وقالت) المالكية: تكره إمامته للحضرىِّ وإن كان أقرا القوم وأفضلهم لقوله تعالى: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ (¬2)} ولأَن شأَنَه الجفاءُ والغِلْظة. والإِمامُ شافع فينبغى أن يكون ليِّن الجانب رحيم القلب (وَرُدَّ) بأَنه ليس كلُّ بدوى كذلك. بل منهم أَهل الفضل والإِيمان والرحمة والعطف، قال تعالى {وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلاَ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ (¬3)}.
(16) إمامة ولد الزنا: ولد الزنا لا تكره إمامته إذا كان تقياً مرضياً عند الحنفيين وأحمد إسحاق، لقول عائشة: ما عليه من وِزْر أبويه شئ، وقد قال الله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (¬4)} تعنى ولد الزنا. {43}
وعن الشعبى والنخعى والزهرى فى ولد الزنا أنه يؤم. ذكره البيهقى (¬5) (وعن أبى حنيفة) عن عطاء بن أبى رباح أنه سئل أيؤمُّ ولدُ الزنا، قال نعم أوَ ليس منهم مَنْ هو أكثُر مِنَّا صلاة وصوماً؟ أخرجه أبو يوسف فى الآثار (¬6). {44}
وإن كان غير مرضىّ كرهت إمامته اتفاقاً، للنفرة منه (وكره) مالك أن يُتَّخّذّ إماماً راتباً (وقالت) الشافعية: تكره إمامته " روى " يحيى بن سعد أن رجلا كان يؤم ناساً بالعقيق فأرسل إليه عمر بن عبد العزيز فنهاه. قال مالك
¬_________
(¬1) تقدم رقم 116 ص 85 (الأحق بالإمام).
(¬2) التوبة أية: 97.
(¬3) التوبة آية: 99.
(¬4) الزمر آية: 7.
(¬5) ص 914 ج 3 - السنن الكبرى (إمامة ولد الزنا).
(¬6) رقم 279 ص 56 كتاب الآثار.

الصفحة 97