كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 4)

ولحديث بريدة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة من الجفاء: أن يبول الرجل قائماً، أو يمسح جبهته قبل أن يفرغ من صلاته، أو ينفخ فى سجوده. أخرجه البزار والطبرانى فى الأوسط ورجال البزار رجال الصحيح. قاله الهيثمى (¬1). [13].
وهذه الأدلة وإن كان فى كل منها مقال لكن لكثرتها يقوى بعضها بعضاً.
ولذا قال يمقتضاها أبو حنيفة ومحمد والشافعى وجمهور السلف والخلف.
وهو مشهور مذهب الحنبلية. قال أحمد: النفخ عندى بمنزلة الكلام. وروى عنه أنه قال: أكرهه ولا أقول يقطع الصلاة، ليس هو كلاماً.
قال القاضى: الموضع الذى قال فيه أحمد: يقطع الصلاة إذا انتظم حرفين لأنه جعله كلاماً، ولا يكون كلاماً بأقل من حرفين، والموضع الذى قال فيه: لا يقطع الصلاة إذا لم ينتظم منه حرفان. أفاده ابن قدامة (¬2).
وقالت المالكية: النفخ بالفم مبطل للصلاة. وكذا بالأنف إن كان عبثاً وكثر.
وقال أبو يوسف وابن سيرين والنخعى وإسحاق: يكره النفخ للمصلى ولا يؤمر بالإعادة (لقول) عبد الله بن عمرو: انكسفت الشمس على عهد النبى صلى الله عليه وسلم (الحديث) وفيه: ثم نفخ فى آخر سجوده فقال: أُف أُف، ثم قال: رب ألم تعدنى ألا تعذبهم وأنا فيهم؟ ألم تعدنى ألا تعذبهم وهم يستغفرون؟ ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته وقد انمحصت الشمس. أخرجه أحمد والنسائى وأبو داود. وهذا لفظه (¬3). [14].
(وأجاب) الأولون بأنه إنما نفخ صلى الله عل يه وسلم غلبة حزناً على
¬_________
(¬1) ص 83 ج 2 مجمع الزوائد (مسح الجبهة فى الصلاة).
(¬2) ص 709 ج 1 مغنى.
(¬3) ص 42 ج 7 - المنهل العذب (من قال يركع ركعتين) وص 185 ج 6 - الفتح الربانى. وص 127 ج 1 مجتبى (وانمحصت الشمس) أى انجلت وظهر ضوؤها.

الصفحة 11