كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 4)

(13) وتبطل باستخلاف من لا يصلح إماماً كأمي ومعذور على ما تقدم بيانه في شروط الجماعة (¬1).
(فائدة) لا تبطل الصلاة بأفعال القلب وتفكيره في غير أعمالها ما لم يصحبها فعل الجوارح، فمن رتب في فكره كلاماً أو عملا ولم يتكلم ولم يفعل، لا تفسد صلاته، لكنه خلاف الأولى، إن فكر في أمر أُخروى غير الصلاة، لما فيه من الإعراض عن الصلاة المقصودة بالمناجاة، ومكروه تحريماً إن فكر في أمر دنيوي لمنافاته الخشوع الذي هو للصلاة كالروح للجسد، ولما فيه من الإعراض بالقلب عن مناجاة الرب سبحانه وتعالى، وفيه من سوء الأدب مع الله تعالى ما لا يخفى، كيف ومن وقف بين يدي كبير من أكابر الدنيا يحذر كل الحذر من أن يحصل منه التفات إلى شئ آخر مع أنه عبد مثله، ولو التفت مناجيه حال مناجاته إلى غيره لاشتد سخطه عليه وعظم غضبه منه. وما أحسن ما قاله الشيخ شرف الدين إسماعيل بن المقري في تائيته:
تصلى بلا قلب صلاة بمثلها ... يكون الفتى مستوجباً للعقوبة
تظل وقد أتممتها غير عالم ... تزيد احتياطاً ركعة بعد ركعة
فويلك، تدرى من تناجيه معرضاً ... وبين يدي من تنحني غير مخبت (¬2)
تخاطبه إياك نعبد مقبلا ... على غيره فيها بغير ضرورة
ولو رد من ناجاك للغير طرفه ... تميزت (¬3) من غيظ عليه وغيرة
أما تستحي من مالك الملك أن يرى ... صدودك عنه يا قليل المروءة
ذكره الحلبي (¬4). ثم قال: قال الإمام الغزالى: لا تسجد ولا تركع إلا وقلبك خاشع متواضع على موافقة ظاهرك، فإن المراد خشوع القلب
¬_________
(¬1) ص 57، 58 ج 3 ..
(¬2) مخبت، من الإخبات وهو الخشوع والخضوع.
(¬3) تميز، أى تقطع.
(¬4) ص 444 غنية المتملى فى شرح منية المصلى.

الصفحة 18