كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 4)
وتفخيم أمر الخطبة، والإتيان فيها بجزيل الكلام (لما تقدم) فى حديث جابر ابن عبد الله (¬1).
(وقال) جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم (الحديث) أخرجه مسلم (¬2). [202].
(وهذا) متفق عليه، فيستحب كون الخطبة فصيحة بليغة مرتبة مبينة من غير تمطيط ولا تقعير، ولا تكون ألفاظاً مبتذلة ملفقة، فإنها لا تقع فى النفوس موقعاً كاملاً، ولا تكون وحشية، لأنه لا يحصل مقصودها، بل يختار ألفاظاً جدلة مفهومة (¬3).
(18) ويسن تقصير الخطبة قصراً معتدلا حتى لا يملها الناس (لقول) جابر بن سمرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هى كلمات يسيرات. اخرجه أبو داود والحاكم والبيهقى بسند رجاله ثقات (¬4). [203].
(ولقول) عمار بن ياسر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة. اخرجه أحمد ومسلم (¬5). [204].
¬_________
(¬1) تقدم رقم 194 ص 201 ..
(¬2) ص 153 ج 6 نووى مسلم (خطبته صلى الله عليه وسلم فى الجمعة) و (صبحكم ومساكم) أى أتاكم العدو وقت الصباح والمساء.
(¬3) ص 528 ج 4 شرح المهذب.
(¬4) ص 271 ج 6 المنهل العذب (إقصار الخطبة)، وص 289 ج 1 مستدرك. وص 208 ج 3 سنن البيهقى (القصد فى الكلام).
(¬5) ص 91 ج 6 الفتح الربانى. وص 158 ج 6 نووى مسلم (صلاة الجمعة وخطبتها) و (مئنة) بفتح فكسر وشد النون مفتوحة، أى أن قصر الخطبة علامة على فقه الرجل، لأن الفقيه هو المطلع على جوامع الألفاظ، فيمكن بذلك من التعبير باللفظ المختصر عن المعانى الكثيرة (واقصروا) أمر من قصر من باب نصر، والأمر بتطويل الصلاة هنا ينافى الأحاديث الآمرة بتخفيف الصلاة، لأن المراد هنا أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة للخطبة لا طول يشق على المأمومين. وهى حينئذ معتدلة.