كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 4)
بنفسي الذي أخذ بنفسك يا رسول الله بأبي أنت وأمي. فاقتادوا رواحلهم شيئاً ثم توضأ النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بلالا فأقام لهم الصلاة وصلى لهم الصبح.
فلما قضى الصلاة قال: من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: "أقم الصلاة لذكرى". أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه وأخرجه الشافعي مرسلا عن ابن المسيب (¬1). [18]
فقوله: فاقتادوا رواحلهم شيئاً، دليل على أن قضاء الفائتة واجب على التراخي (والأمر) في قوله صلى الله عليه وسلم: فليصلها إذا ذكرها (محمول) على الاستحباب. ووقت التذكر متسع، فإنه لو تذكرها ودام ذلك التذكر مدة وصلى أثناء تلك المدة صدق عليه أنه صلاها حين التذكر، وليس بلازم أن يكون أول حال التذكر.
هذا (وقد) اتفق العلماء على أن النائم ليس بمكلف حال نومه للأحاديث السابقة (ولا ينافيه) إيجاب الضمان عليه فيما أتلفه من المال وإلزامه دية ما جناه على إنسان (لأن ذلك) من الأحكام الوضعية لا التكليفية. وأحكام الوضع تلزم النائم والصبي والمجنون بالاتفاق.
(وظاهر) الأحاديث أنه لا تفريط في النوم سواء أكان قبل دخول وقت الصلاة أم بعده قبل تضييقه إلا إذا اتخذ ذلك وسيلة إلى ترك الصلاة لغلبة ظنه بأنه لا يستيقظ إلا وقد خرج الوقت، فإنه يكون آثماً بذلك، كما أنه يأثم إذا نام بعد ضيق الوقت.
¬_________
(¬1) ص 54 ج 1 بدائع المنن. وص 181 ج 5 نووي مسلم (قضاء الفاتنة) وص 20 ج 4 - المنهل العذب (من نام عن صلاة أو نسيها) وص 122 ج 1 سنن ابن ماجه. و (الكرى) بفتحتين: النعاس وقبل النوم. و (يا بلال) أي لم نمت حتى خرج وقت الصلاة؟ وفى رواية: ماذا صنعت بنا يا بلال؟ . (للذكرى) بشد الذال وفتح الراء بعدها ألف مقصورة، أي لذكراها. وفى رواية: لذكرى بلام واحدة مع كسر الراء، أي لتذكرني فيها، فهو من إضافة المصدر لمفعوله.
الصفحة 23
384