كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 4)
(وقال) ابن رشد: اختلفوا فى نوع السفر الذى يجوز فيه الجمع، فظاهر رواية ابن القاسم أنه سفر القربة كالحج والغزو. وقال الشافعى: هو السفر المباح، وهو ظاهر رواية المدنيين عن مالك (¬1).
الجمع فى الحضر لمطر أو غيره:
اختلف العلماء فى ذلك، فقال الشافعى: يجوز الجمع- فى الحضر لمطر- بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم، بشرط أن يكون المطر حاصلا وقت افتتاح الصلاتين. وبه قال أبو ثور وجماعة (لما تقدم) عن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً فى غير خوف ولا سفر. قال مالك: أرى ذلك كان فى مطر (¬2).
(وقال أحمد) يجمع بين المغرب والعشاء فقط. وبه قال ابن عمر وعروة ابن الزبير والفقهاء السبعة (¬3) لقول أبى سلمة بن عبد الرحمن: إن من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء. أخرجه الأثرم (24).
وهذا ينصرف إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال نافع: كان عبد الله بن عمر يجمع إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء (25).
وقال هشام بن عروة: رأيت أبان بن عثمان يجمع بين الصلاتين فى الليلة المطيرة: المغرب والعشاء. فيصليهما معه عروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن عبد الرحمن ولا ينكرونه، ولا يعرف لهم فى عصرهم مخالف فكان إجماعاً. رواه الأثرم (¬4) (26).
¬_________
(¬1) ص 136 ج 1 بداية المجتهد (السباب المبيحة للجمع).
(¬2) تقدم رقم 75 ص 73 (الجمع بين الصلاتين) و (أرى) بضم الهمزة، أى أظن أن جمع النبى صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين من غير خوف ولا سفر كان لمطر ووافق مالكاً على ما ظنه جماعة منهم الشافعى.
(¬3) الفقهاء السبعة: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، وخارجة بن زيد، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعبيد الله بن عتبة.
(¬4) ص 117 ج 2 مغنى ابن قدامة.