كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 7)

وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " (¬1) (وإن لم يتعظ) ويعتبر بتقلبات الدهر وشغلته دنياه عن طاعة مولاه كان طولُ عُمُره وبالا عليه وليس عليه وليس له عذر عند الله عز وجل بعد أن مدّ في عمره ومكنَّه من الطاعة فأبى أن يطيع مولاه قال الله تعالى: " أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ" (¬2)
وعن آبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أنت عليه ستون سنة فقد أعْذر الله إليه في العُمُر. أخرجه أحمد والنسائي والطبرانى (¬3) {45}
¬_________
(¬1) النحل: 97.
(¬2) فاطر: 27 (أو لم بعمركم) استفهام توبيخى. آي أو ما عشتم في الدنيا أعمارا لو كنتم ممن ينتفع بالحق لعملتم به في مدة عمركم. أو المعنى: أو لم نعمركم تعميرا يتذكر فيه من تذكر. وهو متناول لكل عمر تمكن فيه المكلف من إصلاح شانه فقصر ألا أن التوبيخ في المتطاول أعظم واختلف في مقدار العمر هنا. والصحيح أنه ستون أو سبعون (لحديث) آبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال. اعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة " أخرجه البخاري (انظر ص 188 ج 11 فتح الباري) (من بلغ ستين سنة) وفى رواية لأحمد والطبرانى عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقد أعذر الله تعالى إلى عبد أحياه حتى بلغ ستين أو سبعين سنة .. لقد أعذر الله إليه. لقد أعذر الله إليه.
فالإنسان لا يزال في ازدياد إلى كمال الستين ثم يشرع في النقص والهرم. ولما كان هذا هو العمر الذي يعذر الله إلى عبادة ربه. كان هو الغالب على أعمار هذه الأمة (فعن) آبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأفلهم من يجوز ذلك. أخرجه ابن ماجه والترمذى وقال حسن (انظر ص 264 ج 3 تحفة الأحوذى) (وجاءكم النذير) يعنى الشيب. والصحيح أن النذير هو النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه أبو الحسن رزين بن معاوية عن ابن عباس.
(¬3) انظر ص 52 - ج 7 - الفتح الرباني (لقد أعذر الله إليه) آي لم يبق له اعتذارا حيث امهله طول هذه المدة ولم يعتذر. فالأعذار إزالة العذر ومنه قولهم (أعذر من انذر) آي بالعذر وأظهره، وإنما كانت الستون أو السبعون حدا لهذا لأنها قريبة من معترك المنايا وهى سن الإنابة والخشوع وترقب المنية فهذا المنية فهذا أعذار بعد أعذار لطفا من الله بعبادة حيث نقلهم من الجهل إلى العلن ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجج الواضحة وإن كانوا فطروا على حب الدنيا وطول الأمل لكنهم أمروا بمجاهدة النفس في ذلك ليتمثلوا ما أمره به وينزجروا عما نهوا عنه. انظر ص 189 ج 11 - فتح الباري (من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر).

الصفحة 19