كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 7)

وهو رافع للدرجات مكفر للسيئات لمن صبر ولم يجزع (لحديث) عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما مِن مصُيبِة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يُشاكُها " أخرجه البخاري (¬1) {3}
(وحديث) أبى سعيد وأبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما يصيب المؤمن من نصَب ولا وصَب ولا هَم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها خطاياه " أخرجه البخاري والشيخان (¬2) {4}
(في هذه) الأحاديث بشارة عظيمة للمؤمن لأنه لا ينفك غالبا عن ألم من مرض أو نحوه. وفيها أن الأمراض والآلام بدنية أو قلبية تكفر ذنوب من يصاب بها.
وظاهره تعميم جميع الذنوب لكن خصه الجمهور بالضفائر (لحديث) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر " أخرجه احمد ومسلم والترمذى (¬3) {5}
حملوا المطلقات الواردة في التكفير على هذا المقيد، ويحتمل أن يكون معنى المطلق أن البلايا والأمراض ونحوها صالحة لتكفير الذنوب فيكفر الله بها ما شاء من الذنوب. والمراد بتكفير الذنب ستره أو محو أثره المترتب عليه من استحقاق العقوبة (وقد) استدل بإطلاق الأحاديث على أن السيئات تكفر بمجرد حصول المرض أو غيره وإن يكن معها صبر (وقال) القرطبي وغيره: محله إذا صبر المصاب واحتسب (لحديث) صهيب بن سنان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد غير المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا " أخرجه مسلم (¬4) {6}
¬_________
(¬1) انظر ص 82 ج 10 فتح البارى (كفارة المرض).
(¬2) انظر ص 84 ج 10 فتح البارى و (النصب) " بفتحتين " التعب. و (الوصب) المرض. والهم: الحزن على ما يأتى والغم: والآلم لما وقع
(¬3) انظر ص 117 ج 3 نووى مسلم.
(¬4) انظر ص 125 ج 12 منه

الصفحة 3