كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 8)

الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء". ورجاله رجال الصحيح (¬1). . {14}
... (وحديث) عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت يهودية فاستطعمت على بابي فقالت: أطعموني أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، فلم أزل أحبسها حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله ما تقول هذه اليهودية؟ قال: وما تقول؟ قلت: تقول أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ورفع يديه مدا يستعيذ بالله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، ثم قال: أما فتنة الدجال فإنه لم يكن نبي إلا قد حذر أمته وسأحذر كموه تحذيرا لم يحذره نبي أمته، إنه أعور والله عز وجل ليس
¬_________
(¬1) أنظر ص 108 ج 8 - الفتح الرباني (هول القبر) وص 47 ج 3 مجمع الزوائد (السؤال في القبر). و (إن هذه الأمة) أي أمة الدعوى لا فرق بين مسلم وكافر. وتقدم بص 63 ج 1 من الدين الخالص طبعة ثانية:
(أ) أن الأحاديث دلت على اختصاص هذه الأمة بسؤال القبر.
(ب) بيان حكمة هذا الاختصاص وأن ابن القيم اختار القول بعموم المسألة لأنه ليس في الأحاديث ما ينفي المسألة عمن تقدم من الأمم. وإنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بكيفية امتحان هذه الأمة في القبور لا أنه نفى ذلك عن غيرهم قال: والظاهر أن كل نبي مع أمته كذلك فتعذب كفارتهم في قبورهم بعد سؤالهم وإقامة الحجة عليهم كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة (أنظر ص 141 كتاب الروح)، وقد يدل عليه قوله تعالى: "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" سورة غافر: آية 46. و (جاءه ملك) تقدم في حديث أنس وغيره ويأتي في حديث أبي هريرة رقم 17: فأتاه ملكان. ويجمع بينهما بأنه خص هنا أحدهما بالذكر لكونه يحمل المطراق (والمطراق) آله يضرب بها كالعصى و (لا دريت إلخ) أي لا فهمت ولا عرفت الحق بنفسك ولا تبعت من يعرف ولا قرأت القرآن فاهتديت به (ثم يقمعه) من أقع أي يضربه ضربة. و (الثقلان) الجن والإنس. ومقتضاه أن كل شيء غيرهما حتى الجماد يسمع الضرب. ويمكن أن يخص منه الجماد لما في حديث أبي هريرة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: يسمعه كل دابة إلا الثقلين. أخرجه البزار (انظر ص 52 ج 3 مجمع الزوائد) و (هبل) كتعب، أي فقد عقله من شدة الخوف والجزع.

الصفحة 12