كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 8)
القبر ودفن الثاني معه، وكذا لو دعت الحالة إلى دفن الثاني مع العظام دفن معها (¬1).
... (قال) في المدخل: اتفق العلماء على أن الموضع الذي يدفن فيه المسلم وقف عليه ما دام شيء موجودا فيه حتى يفني، فإن فني جاز حينئذ دفن غيره فيه، فإن بقى شيء من عظامه فالحرمة باقية لجميعه.
(قال) بعضهم: ولا يجوز أخذ أحجار المقابر العافية لبناء قنطرة أو دار ولا حرثها للزراعة، لكن لو حرثت جعل كراؤها في مؤن دفن الفقراء (¬2). وكذا يحرم نبش قبر من دفن وأهيل عليه التراب بلا صلاة بل يصلي على القبر عند الحنفيين والشافعي وروى عن أحمد. وعنه أنه ينبش ويصلي عليه لأنه دفن قبل واجب الصلاة كما لو دفن بلا غسل. أما من لم يهل عليه التراب فيخرج ويصلي عليه لأن هذا ليس نبشا (¬3). هذا، ويجوز عند مالك والشافعي وأحمد نبش القبر لغرض صحيح كتحسين الكفن، وغسل من دفن بلا غسل، وتوجيه من دفن لغير القبلة، وإخراج مال وقع في القبر أو ترك فيه إلا أن يخاف على الميت أن يتفسخ فيترك.
... (قال) جابر بن عبد الله: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبى بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه" أخرجه الشيخان والنسائي (¬4). {41}
(وقال) جابر بن عبد الله: "دفن مع أبي رجل فلم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة" أخرجه البخاري والنسائي والبيهقي (¬5). {42}
¬_________
(¬1) انظر ص 284 ج 5 مجموع النوي.
(¬2) انظر ص 174 ج 1 - الصاوي على صغير الدردير.
(¬3) انظر ص 298 ج 5 مجموع النووي.
(¬4) انظر ص 89 ج 3 فتح الباري (الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف) وص 121 ج 17 نووي (صفات المنافقين) وص 284 ج 1 مجتبي (إخراج الميت من اللحد بعد أن يوضع فيه).
(¬5) انظر ص 142 ج 3 فتح الباري (هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟ ) وص 284 ج 1 مجتبي. وص 57 ج 4 بيهقي (من حول الميت من قبره إلى آخر لحاجة). (والرجل) الذي دفن مع أبي جابر هو عمرو بين الجموح بن زيد كان صديق عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر، دفن معه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم (روى) محمد بن إسحاق عن أبيه عن أشياخ من الأنصار قالوا: أتى النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد بعبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح ممثلين فقال: ادفنوهما في قبر واحد فإنهما كانا متصاحبين في الدنيا .. أخرجه ابن أبي شيبة (أنظر ص 56 ج 8 - الفتح الرباني- الشرح).