كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 9)
غربت الشمس ولم تكن به علة ولا بدابته وهو يسير بسير الناس فلا يصلى المغرب والعشاء إلا بالمزدلفة , فإن صلى قبلها أعاد إذا أتاها , لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصلاة أمامك , قيل لمالك: فإن أتى المزدلفة قبل الشفق؟ قال: هذا مما لا أظنه يكون ولو كان ما أحببت له أن يصلى حتى يغيب الشفق (¬1). (وقال) الشافعي وأحمد وأبو يوسف:
يشترط لجواز الجمع بمزدلفة السفر فقط , فلو جمع بينهما في وقت المغرب أو العشاء بمزدلفة أو غيرها جاز. والخلاف مبنى على أن الجم للنسك أم للسفر؟ فعند هؤلاء الجمع للسفر وعند الأولين الجمع للنسك (¬2) وهذا ما يشهده له الدليل.
(5) أما المبيت بمزدلفة , والوقوف بها والإفاضة منها إلى منى وترتيب أعمال يوم النحر , فقد تقدم بيانها (¬3).
هذا. وقد جمع مناسك الحج من الوقوف بعرفة إلى طواف الركن حديث على رضي الله عنه قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال: هذه عرفة وهو الموقف وعرفة كلها موقف , ثم أفاض حين غربت الشمس, وأردف أسامة بن زيد وجعل يشير بيده على هينته , وللناس يضربون يمينا وشمالا لا يلتفت إليهم ويقول: يا أيها الناس عليكم السكينة. ثم أتى جمعا فصلى بهم الصلاتين جميعاً. فلما أصبح أتى قزح ووقف عليه وقال هذا قزح وهو الموقف. وجمع كلها موقف , ثم أفاض حتى انتهى إلى وادي محسر فقرع ناقته , فخبت حتى جاوز الوادي فوقف وأردف الفضل ثم أتى الجمرة فرماها , ثم أتى المنحر فقال: هذا المنحر
¬_________
(¬1) ص 722 ج 1 - الفجر المنير.
(¬2) ص 148 ج 8 شرح المهذب.
(¬3) انظر ص 151 و 152 و 155 و 176.