كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 9)

1 - أمن الطريق: يُشْتَرَط للزومِ أَداءِ الحجِّ أَمْنُ الطريق على نفسِه ومالِه، بأَن يكونَ الغالب فيه السَّلاَمة ولو بالرِّشْوة. وقتلِ قطاع الطريق بعض الحجاج عُذر يُسقط لزوم الحج. وهل ما يؤخذ فى الطريق من نحو المكس والكوشان عُذر؟ المعتمد ـ لا ـ عند الحنفيين؛ لأن أمْن الطريق شرط للزوم الأَداءِ عندهم. فيلزم المستطيع الإِيصاءَ عند خوف الطريق؛ لأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم لما سُئل عن الاستطاعة فَسَّرَها بالزَّاد والرَّاحِلة؛ فلو كان أَمْنُ الطريق منها لذكَره. ومحل الخلاف فى لزوم الإيصاءِ إِذا مات قبل حصول الأمن وإِلاَّ لزم اتفاقاً.
(وقالت) المالكية والشافعية: أَمْن الطريق شرط وجوب وهو من أَسباب الاستطاعة وما يؤخذ من المكس ونحوه عذر يسقط الحج إَن تَعَدَّدَ أَو أُجْحِفَ بصاحِبِه وإِلاَّ فلاَ عند المالكية. وعند الشافعية يُعَدّ عذراً وإِن قَلَّ المأْخوذ. وإِما الخفارة فجائزة وتوزع بحسب ما يخفر من الأمتعة. أَما الدال على الطريق فإِنه يأْخذ على الرءُوس. وهو رواية عن أحمد. وقيل: إِن كان فى الطريق عدو يطلب خفارة لا يلزمه الحج وإن كانت يَسِيرة لأَنها رِشْوَة. وقيل: إِن كانت لا تُجْحِف بماله لَزِمه الحج لإمكان بذلها (¬1). وإِذا كان لابُدَّ للحاجِّ من اجتيازِ البحر جازَ له ركُوبه إِن غلبت السلامة وإلاَّ فلا. فإِن كان هائجاً لا يجوز ركوبه لا لحج ولا لغيره حتى يَهْدَأَ (لقول) أَبى عمران الجونى: حدثنى بعض أَصحاب محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ بَاتَ فوق بيتٍ ليس له إِجَّار فوقع فمات فقد بَرِئَتْ منه الذمة، ومن ركب البحر
¬_________
(¬1) انظر ص 168 ج 3 مغنى.

الصفحة 30