كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 9)

أبي سعيد الخدري (¬1). {312}
(ورد) بأن معنى الحديث: لا تشد الرحال إلى مسجد غير المساجد الثلاثة المذكورة. فالمستثنى منه في الحديث عموم المساجد لا المواضع، ويؤيده قول شهر بن حوشب: سمعت أبا سعيد الخدري وذكرت عنده صلاة في الطور، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا. (الحديث) أخرجه أحمد بسند حسن. وشهر بن حوشب وثقة جماعة (¬2) {313}
وشد الرحال إلى زيارة أو طلب علم ليس إلى المسجد.
(فالزيارة) خارج عن النهى للإجماع على جواز شد الرحال للتجارة وسائر مطالب الدنيا. وعلى وجوبه إلى عرفة للوقوف، وإلى منى للمناسك التي فيها، وإلى مزدلفة وإلى الجهاد والهجرة من دار الكفر والبدعة، وعلى وجوبه أو استحبابه لطلب العلم. فالراجح أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة ومستحبة استحبابا مؤكدا، وأن شد الرحال إلهيا جائز عند الجمهور، لما تقدم وللاتفاق على مشروعة زيارة القبور. قال النووي: واختلف العلماء في شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة كالذهاب إلى قبور الصالحين والمواضع الفاضلة؛ فقال الشيخ أبو محمد الجويني:
¬_________
(¬1) أنظر رقم 290 ص 234 ج 2 تكملة المنهل العذب (إتيان المدينة) وباقي المراجع بهامش 6 ص 238 منه، وص 104، 105 ج 9 نووي مسلم (سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره) و (الرحال) جمع رحل. وهن في الأصل الإبل. والمراد مطلق السفر عليها أو على غيرها.
(¬2) ص 64 ج 3 مسند أحمد (مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه)، وص 3 ج 4 مجمع الزوائد (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد).

الصفحة 318