كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 9)

الرسول خشية أن يغضب من ذلك فيغضب الله تعالى لغضبه ويحبط عمل من أغضبه وهو لا يدري (¬1). وتقدم تحذير عمر رضي الله عنه من رفع الصوت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬2). وقد أجمعت الأمة على أن حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ميتا كحرمته حيا. وغن الله تعالى قد مدح قوما بغض أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشرهم بأجر عظيم. قال تعالى: "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم" (¬3). وذم آخرين لرفع أصواتهم عنده صلى الله عليه وسلم ونفى العقل عنهم، قال: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون" (¬4). وقد روى أن أبا جعفر المنصور ناظر مالكا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله أدب قوما، فقال: "لا ترفعوا أصواتكم ... الآية" وذم آخرين، فقال: "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات ... الآية" فاستكان لها أبو جعفر.
6 - ومنها إلصاق الظهر والبطن بجدار القبر ومسحه باليد، فهو مكروه. والأدب أن يبعد منه كبعده من النبي صلى الله عليه وسلم لو حضره في حياته. ولا يغتر بمخالفة كثير من العوام وفعلهم ذلك، فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بالقرآن والأحاديث الصحيحة وأقوال العلماء المؤيدة بالدليل.
... (قال) الفضيل بن عياض رحمه الله: اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين. وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين. ومن
¬_________
(¬1) ص 8 ج 8 تفسير ابن كثير.
(¬2) تقدم آثر رقم 109 ص 332.
(¬3) الآيتان 3 و 4 من سورة الحجرات.
(¬4) الآيتان 3 و 4 من سورة الحجرات.

الصفحة 338