كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 9)

الله، والمشهور عنه تفضيل المدينة على مكة، لما تقدم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة (¬1).
... ولقول رافع بن خديج: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المدينة خير من مكة. أخرجه الطبراني. وفي سنده محمد ابن عبد الرحمن بن داود مجمع علي ضعفه (¬2). {337}
... (وأجاب) الجمهور:
... (أ) عن حديث أبي هريرة بأنه خارج عن محل النزاع فإن الكلام في تفضيل مكة على غيرها لا في خصوص هذه البقعة. (قال) ابن عبد البر: هذا الاستدلال بالخبر في غير ما ورد فيه ولا يقاوم النص الوارد في فضل مكة. وساق حديث عبد الله بن عدى (¬3) وقال: إن هذا الحديث نص في محل الخلاف فلا ينبغي العدول عنه.
... (ب) وعن حديث رافع بأنه ضعيف لا يقاوم الأحاديث الصحيحة الواردة في تفضيل مكة. ولذا رجع عن هذا القول كثير من المالكية.
2 - حرم المدينة: حرم المدينة كحرم مكة يحرم صيده وقطع شجره عند مالك والشافعي وأحمد، لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن إبراهيم حرم مكة وأني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاهها ولا يصاد صيدها. أخرجه مسلم (¬4). {338}
¬_________
(¬1) تقدم رقم 314 ص 325.
(¬2) ص 298 ج 3 مجمع الزوائد (فضل المدينة).
(¬3) تقدم رقم 335 ص 350.
(¬4) ص 136 ج 9 نووي مسلم (فضل المدينة). و (إني حرمت المدينة) أي حرمت صيد حرمها وقطع شجرها. و (لابتيها) تثنية لابة، وهي أرض ذات حجارة سود. وللمدينة لا بتان شرقية وغربية وهي بينهما عرضا، وطولها ما بين عير وثور، وهما جبلان أحدهما جنوبها والآخر شمالها (والعضاه) بكسر العين المهملة: شجر له شوك.

الصفحة 351