كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 9)

(وعن عبد الله) بن زيد بن عاصم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها، وإني حرمت المدينة ودعوت في صاعها ومدها بمثل ما دعا به إبراهيم لأهل مكة. أخرجه أحمد ومسلم (¬1). {339}
... (وعن جابر) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل المدينة كالكير وحرم إبراهيم مكة وأنا أحرم المدينة وهي كمكة حرام ما بين حرتيها وحماها كلها لا يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل منها (الحديث). أخرجه أحمد (¬2). {340}
(دل) على جواز أخذ أوراق الشجر للعلف. أما قطعة فحرام عند الأئمة الثلاثة، غير أن مالكا والشافعي قالا: لا ضمان في قتل صيده أو قطع شجره، لأنه ليس محلا للنسك، (وقال) بعض المالكية: يجب فيه الجزاء كحرم مكة لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة.
... (وقال) الحنفيون: ليس للمدينة حرم فلا يمنع أحد من أخذ يدها ولا قطع شجرها، لحديث أبي التياح عن انس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له: أبو عمير كان فطيما، فكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه
¬_________
(¬1) س 40 ج 4 مسند أحمد (حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني .. ) وص 134 ج 9 نووي مسلم (فضل المدينة).
(¬2) ص 393 ج 3 مسند أحمد (مسند جابر بن عبد الله ... ) و (حماها) هو في الأصل مكان يمنع القرب منه. والمراد هنا مكان حماه النبي صلى الله عليه وسلم لإبل الصدقة ومنع العامة أن يرعوا فيه دوابهم وهو يريد من كل ناحية من المدينة. و (كلها) تأكيد له. وأنث الضمير لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه.

الصفحة 352