كتاب الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (اسم الجزء: 9)

(الثالث) أن يكون أَدَّى حجة الإسلام وهو قادِرٌ على الحج بنفسه، فهل له أَن يستنيب فى حج التطوع؟ فيه قولان:
(أ) يجوز عند الحنفيين وهو رواية عن أحمد؛ لأنها حجة لا تلزمه بنفسه فجاز أن يستنيب فيها كالمعضوب. وتكره الإنابة فيها عند مالك.
(ب) لا يجوز عند الشافعى. وهو رواية عن أحمد؛ لأنه قادر على الحج بنفسه فلا يجوز له أن يستنيب فيه كالفرض (¬1). وبقى الكلام فى أمرين.
(1) حج الصرورة عن غيره: الصَّرورة مَنْ لم يَحُجَّ عن نفسِهِ، مأْخوذ من الصَّر وهو الحبس. فمن ترك الحج مع الاستطاعة فقد منع الخير عن نفسه. وقد اختلف العلماء فى حجه عن غيره، فمنعه الشافعى وأحمد، لحديث ابن عباس: أن النبى صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: لَبَّيْكَ عن شُبْرمة، قال: من شُبْرُمة؟ قال: أَخ لى أَو قريب لى. قال حَجَجْتَ عن نفسك؟ قال: لا، قال: حُجّ عن نفسك ثم حُجّ عن شُبرمة. أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان وصححه. والبيهقى وقال: وقال إسناده صحيح وأخرجه الشافعى موقوفاً على ابن عباس (¬2) {51}
(وقال) الحنفيون ومالك: حج الصَّرورة المستطيع عن غيره مكروه كراهةَ تحريم؛ لأنه يتضيق عليه فى أول سِنى الإمكان فيأْثم بتركه. وكذا لو تَنَفَّل لنفسه ومع ذلك يصحّ حجه؛ لأن النَّهْى ليس لعين الحج المفعول، بل لغيره وهو خَشْيَةَ ألاَّ يُدْرِك الفرض، إذ الموت فى سنة غير
¬_________
(¬1) انظر ص 180 ج 3 مغنى
(¬2) انظر رقم 88 ص 107 ج 1 تكملة المنهل (الرجل يحج عن غيره) وباقى المراجح بهامش 2 و 3 ص 109 منه. والرجل الملبى " نبيشة " بالتصغير ابن عبد الله.

الصفحة 36