كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

بنصيبها، إلا أن يشهد للمشتري على علمها ببيع أخيها حظها، وبطول سكوتها عن طلب حقها زمانًا طويلاً وهي قادرة على الطلب والتوكيل، ليست في حجاج من يمنعها من توكيل من يطلب لهه، فإذا كانت بهذه الحال وطال تركها لطلب حقها فلا شيء لها إلا أن يكون سكتها زمانًا يسيرًا.
قلت: أترى العشر سنين ونحوها للتي لا عذر لها طولا؟ قال: نعم لا عذر لها انظر قد جعل ابن القاسم العشر سنين طولاً قطع به عذرها، وأسقط معه قيامها، وهو كلام صحيح، وهذا وغيره كذا، كان البائع لحظها ونحوه من قول مالك في مساع أشهب وابن نافع في كتاب الاستحقاق فيمن باع أبوها وزوجها دارها، وقامت بعد أربع عشرة سنة وزعمت أنها لم تعلم بفعلهما.
قال: فإن لم تكن سفيهة ولا شهد عليها أنها وكلتهما بالبيع حلفت بالله ما علمت ولا رضيت بذلك، ورد البيع، وهاتان المسألتان تردان جواب ابن عتاب التي كتبت بها إليه أن لها أن تقوم بعد عشرة أعوام، وليس يسوغ لها فيها أن تدعي أنها لم تعلم، لأنها هي التي باعت، فإذا أقامت مع الزوج العامين ونحوهما، صار أمرها محمولا على الرشد، بهذا جرى العم على ما ذكره ابن أبي زمنين في المغرب.
وأما ابن الماشجون فهي عنده رشيدة بعد العام، فقد أقامت رشيدة حائزة الأمر ثمانية أعوام أو تسعة لا تطلب ما باعت، وفي مثل هذه المدة تكون الحيازة على الحاضر العالم فيما يعرف ملكه له من الأصول حتى لا يكون له قيام بعدها، على ما لابن القاسم في كتاب ابن حبيب وسماع عيسى (ب - 22).
فكيف بهذه الساكتة في هذه المدة وهي البائعة، والصحيح عندنا ألا قيام لها في ذلك، ولا تسمع منها دعوى في مثل هذا، ولا بعد ثلاثة أعوام بعد رشدها.
وفي وثائق ابن الهندي فيمن له دار مشتركة بينه وبين أخيه، فباع أخوه جميعها ممن يعلم اشتراكهما فيها، وله سلطان ومقدرة، خاف ضرورة إن تكلم في ذلك، فاستدعى أن سكوته عن الكلام في نصيبه وفي الشفعة في نصيب أخيه، لما يتوقعه من تحامل المشتري عليه، وإضراره به لمقدرته، وأنه غير تارك لمطلبه متى أمكنه.
ثم قال في فقه هذه الوثيقة: فإذا ذهبت التقية وقام في فورها بهذه الوثيقة وأثبتها، وأثبت الملك والاشتراك، وأعذر إلى أخيه والمشتري، فإن لم يكن عندهما مدفع قضى له

الصفحة 100