كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

بحصته وبالشفعة، وإن ترك القيام بعد ذهاب التقية عشرة أعوام أو نحوها، فلا قيام له فهيا، وإن أحالها المبتاع بالزيادة والنقصان بعد زوال التقية بأقل من عشرة أعوام حيازة تمنعه القيام، وهذا أيضًا عند ضعيف؛ لأن سكوته الأعوام وتركه القيام بعد ارتفاع التقية يدل على رضاه بالبيع.
ولا أرى له اعتراضًا، وإن لم يسكت إلا العامين والثلاثة ونحوها، بعد زوال ما كان يتقيه، لأن متى زال، فكأن البيع وقع حينئذ، ومن بيع ماله بمحضره ولم ينكر ولا تكلم حينئذ، ثم قام بعد ذلك بأيام، فليس له في البيع كلام، وإنما له الثمن فأخذه من البائع، وهذا قول ابن القاسم وغيره، فكيف يبلغ من يبيع ملكه بعلمه وبمحضره في الحيازة عليه عشرة أعوام أو نصفها؟
هاذ لا يجوز بحال، والله أعلم، لأن متى حيزت عليه العامين أو الأعوام الخمسة ونحوها دار وهو حاضر عالم، له أن يدعي أنه أكراها، أو أنه أسكنه إياها، وشبه ذلك مما لا يزال ملكة عنها، ولا يقطع حقه منها، وأما من باع أو بيع عليه بعلمه وارتفع عذره في السكوت عن طلب حقه، فالظاهر من أمره الرضا بما كان فعله أو فعل غيره.
وكان في حاشية كتاب بمكي بن أبي طالب المقري - رحمه الله - على التي في سماع يحيى التي كتبناها فوق هذا، في التي باع أخوها منزلاً بينه وبينها، إذا كانت حاضرة وقت البيع عالمة به ولا عذر لها في حجاب ولا بكورة ولا غيرها، فالبيع لازم لها إذا لم تتكلم، ولو قامت بعد يوم.
وإذا تركت القيام بعذر ثم زال العذر فلها القيام. وإن سكتت بعده شهرًا أو شهرين، بخلاف التي رأت البيع وسكتت لغير عذر؛ لأن هذه تحتج بفوات الأمر وطوله، وتقول: تربصت لعذر انظر في أمري وأوكل من يخاصم عني، وأتعرف ما يلزمني أو يلزمني وأنا امرأة لا معرفة لي بالخصومة، فتربصت متعرفة لذلك، فإن طال تربصها السنة ونحوها بعد زوال عذرها لم يكن لها قيام والله أعلم. هكذا في الحشاية، وأظنه في إملاء أبي عبد الله، محمد بن دحون، وهو كلام صحيح، قائم في النظر، والله أعلم.
ويؤيد صح ما ذهبنا إليه، ما رواه أشهب وابن نافع عن مالك في امرأة تصدقت على أبيها وأمها بصدقة، ثم تزوجت، فطلبت ذلك، فقال: ليس ذلك بشيء من المرأة المولاة، وذلك رد عليها.

الصفحة 101