كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

قال ابن نافع: ولو تزوجها ودخل بها زوجها وأقامت عنده سنتين أو أكثر من ذلك، ثم قامت بذلك وقالت: لم أكن أعلم أن ذلك يلزمني، رأيت ذلك لها وتحلف.
ففي قول مالك: تزوجت فطلبت ذلك؛ فعطف بالفاء، وهي تعطي في اللسان أن الثاني بعد الأول متصلاً به، فجعل طلبها متصلا بزواجها، وفي قول ابن نافع: قامت بعد سنتين أو أكثر، فلم يمثل قيامها بخمس سنين أو ست، فكيف بعشر.
وقوله: أو أكثر يحتمل أنه يريد أكثر بشهر أو شهرين أو أشهر إلى السنة وأكثر ذلك، وألزمها اليمين على دعواها أنها لم تعلم أن ذلك يلزمها، فحملها محمل الرشيدة بعد سنتين، وهي ذات أب، والمسألة تدل على أنها كانت بكرًا، والذي جرى به العمل في البكر ذات الأب تنكح ويبني بها زوجها، أنها من ستة أعوام أو سبعة فأزيد ن وقت البناء، محمولة على الرشد إن لم يظهر منها سفه، وفعلها قبل ذلك مردود، ذكره ابن أبي زمنين.
وقال غيره: إنها بعد خمسة أعوام محمول على الرشد، وقبل ذلك في السنتين والثلاث والأربع هي سفيهة مردودة الفعل، ومن كان فعله مردودًا لم يحلف، وهو يصل بالحكم إلى استرجاع ماله ونقض ما ع قد فيه على نفسه.
فقول (أ – 24) ابن نافع هذا إنما يخرج على قول مطرف وابن الماجشون وأصبغ أنها متى قضت بعد السنة في بناء زوجها في مالها فهو نافذ ماض، ومن أراد رد فعليها فعليه البينة بسفهها.
قال ابن الماجشون: إذا كانت البكر بنت ثلاثين سنة فصاعدًا أو كانت رشيدة الأمر حسنة النظر مرضية الحال ولا ولي عليها، فقضاؤها بوجه الصواب من بيع أو شراء أو أخذ أو إعطاء أو عتق أو تدبير جائز عليها، وأما التي هي في ولاية ولي ينظر لها؛ من أب أو وصي أو خليفة سلطان، فلا أرى شيئًا من أمرها يجوز، وإن كانت في السن والحال على ما وصفنا حتى تعنس أو تنكح، وأول التعنيس عندنا بلوغ الأربعين فصاعدًا، قال ابن حبيب: وهذا أحسن ما فيه عندي، وبه كان ابن وهب يقول وغيره ممن ارتضى.
وعلى هذا كله – أي قول ابن نافع في يمينها أنها ما علمت أن ذلك يلزمها، ولابن نافع قول آخر خلاف هذا في المدينة، وسئل عمن زوج ابنته فحين بنا بها زوجها أحدثت في مالها صدقة أو غيرها، فأراد أبوها رد ذلك، وقال زوجها: ليس ذلك لك لأنك لم تبرأ

الصفحة 102