كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

وإن لم يأتيا ببينة على ما ذكراه من ذلك؛ مضى بيع الناظر، فإنه على السداد والنظر. قال بذلك ابن لبابة، ومحمد بن وليد، وغيرهما.
وفي قولهم: أن يمتحن القاضي – وفقه الله – أموال محمد بن فلوس الباقية، فإن كان فيها وفاء بدين عائشة بنت أخيه، لم يعترض شيئًا مما مضى، وإن لم يكن فيها وفاء قضيت عائشة ما وجدت بما بقي لها على ما يصير لها في المحاصة على من اقتضى ثم تحاصوا أجمعون.
وفي امرأة باعت على أيتام أصاغر (أ – 24):
ينظر القاضي – وفقه الله – فيما باعته المرأة على الأطفال، فإن ثبت عنه أنه بيع نظر أمضاه، وإن لم يثبت عنده أنه بيع نظر فسخ عن الصبيان وأخذت البائعة بالثمن الذي قبضت لهم، ويرد على المشتري. قاله ابن لبابة، وبان وليد، وأيوب بن سليمان.
قال القاضي:
جوابهم على هذا محذوف مختصر، وقد تقدم لهم مثله في الاختصار الذي هو كالتقصير في مسألة ابن عفان وأمه الرحيم، وتمامه فيما قاله أصبغ بن الفرج في نوازله في البكر تحتاج فتبيع بعض عروضها، وتنفق على نفسها وتصنع في البيع والإنفاق على نفسها ما كان يصنعه السلطان، أو تبيع ذلك عليها أمها أو أحد أقاربها، وهو غير وصي، ولو أراد متولي ذلك رفعه إلى السلطان ولم يقدر وخاف ضيعتها، أو كان على ذلك قادرًا، فلم يفعل إلا أنه نظر في ذلك أو نظرت بما كان السلطان ينظر لها مع الاستقصاء وحسن البيع.
قال: نرى إن كان الذي باعت أو بيع عليها شيئًا بال وقدره، مثل العقار الصالح والأمر الكثير من غيره، فهو مردود على كل حال أصله لا يجوز، ولا يجاز وهو بيع سفه وسفيه، ومال يتيم لم يبلغ فلا يباع، إلا بالوالي أو السلطان الناظر بعد الناظر والحاجة والاستقصاء، فهو مردود أصله لا يجوز، فإذا رد نظره، فإن كان الثمن حول في نفقة لابد له منها ولا غني عنها حسب للمشتري، ذلك ولم يبطل، وإنما الذي يبطل من بيع السفيه مالا مخرج لثمنه إذا قبضه مما يبدره ويضع فيه لشهواته، فهذا يكون هدرًا وما ادخله فيما لا غنى عنه من مصالحه أو الثمن يوجد قائمًا بعينه لم يتلف له، فهو رد إلى دافعه.
وإن كان الذي باعت أو بيع عنها لا قدر له كالدويرة الصغيرة والعلقة أو البيت

الصفحة 106