كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

العقار يغل والأصل قائم، والجوهر حجر موضوع لا يغل، فهذا قولنا في هذا. قال بذلك أيوب بن سليمان (ب – 24)
وقال عبيد الله بن يحيى:
يسال من يثق به من أهل المعرفة بالجوهر، فإن رأى بيع العقد مجتمعًا أنفع لها بيع مجتمعًا، وضم سهمها منه إلى ناضها، وتأمر بابتياع ضيعة لها، فهو أعود عليها من الجوهر، وقال ابن لبابة: إنما ينظر المصيبة بما هو أعود عليها، وبيع الجوهر واشتراء الأرض أنفع لها وأرد عليها، ويسأل أهل البصر بالجوهر عن وجه بيعه فيعمل بذلك، إما مجتمعًا أو مقطعًا.
وفي دعوى على مولى عليه:
حفظكم الله وأبقاكم، قام عندي محمد بن عياض فادعى أنه كان رهن زكريا بن الحشاية عقدًا نفيسًا بعدة من مال، وذكر أن العقد صار عند عزيزة أخت زكرياء بعد وفاة زكرياء، وشهد له عندي على أنه رهن زكريا عقدًا من لؤلؤ، وفي شهادة الشهود أن محمدًا لم يزل يطالب زكرياء بالعقد إلى أن توفى زكرياء.
وطلب محمد إحلاف عزيزة أخت زكرياء أن العقد ليس عندها، ولم تلفه في تركة أخيها، ولا أخرجته من عندها إلى أحد، فأوصيت إليها من يعرفها بدعواه عيها، فأتاني من وجهته إليها، فقال عنها، فإنها لم تأخذ العقد ولم ترعف له موضعًا، وقالت: لم أكن أساكنه، غنما كنت ساكنة في غير مسكنه، وكان أخيى وصيي إلى أن مات، وأثبت عندك أيها القاضي بعدول البينات أني من أهل الحالة الحسنة في نفسي وضابطة لما وصل إلي من مالي فأطلقتني من الولاية إذا وجبت لي ذلك السنة، فكيف تجب علي اليمين مع ما شهد لي به من حسن الحال؟ وأحببت – رحمكم الله – معرفة الواجب في ذلك إن كان تجب عليها اليمين أم لا؟
فهمنا – وفق الله القاضي – ما ادعاه ابن عياض على ابنة الحاشية وما دفعته به عن نفسها من أنها كانت في ولاية فأطلقتها منها بثبوت رشدها عندك، فالذي أرى أن المولى عليه لا يحلف فيما ادعى عليه، وهذه كانت مولى عليها وقت وفاة أخيها ووقت دعوى ابن عياض عليها أنها قبضت فلا يمين عليها في ذلك، والله الموفق للصواب. قاله ابن لبابة، وأيوب بن سليمان، ومحمد بن وليد.
وفي قولهم أن للوكيل المقدم للنظر على الصغير ابن الحاشية أن يصالح عنه في الرهن.

الصفحة 108