كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

يحلف مع شاهده ويأخذ، ولا وجه لإرجاء هذه اليمين عليه إلى رشده، وقد رضي المطلوب منه بها بنكوله عنها. وسيأتي في هذا المعنى مسائل إن شاء الله.
وفي أحكام ابن زياد في شهادات على يتيم بالحجر:
قرأنا – وفق الله القاضي – شهادة الرجلين لابنه هشام أنها في ولاية، فقال أحدهما: إنها كانت في ولاية ابن تمام بتوكيل عامر بن معاوية – إذ كان قاضيًا بقرطبة – إياه على ذلك، وقال الثاني: أعرف محمد بن تمام؛ يجري عليها النفقة، ويذكر أنها في ولايته، فرأينا شهادة هذا بقول ابن تمام أنها في ولايته غير تامة، وشهادة الأول تامة، فإن أتت ابنة هشام بشاهد آخر يشهد على توكيل عامر بن معاوية وقبلتهما؛ تمت الشهادة وصحت الولاية، ووجب الإعذار إلى الذين تطلبهم المرأة بيمين لها. قال ابن لبابة، ومحمد بن وليد، وأيوب بن سليمان.
وفي نظر القاضي لمن لا وصي له:
الذي يجب – وفق الله القاضي – فيما رفع إليك عن رقية بنت عبد الله بن أبي عيش: أن تبعث رجلين يعرفانها بكتابك الذي رفع إليك عنها، فتكشف عن الكتاب فإذا أقرت به، وثبت عندك موت أبيها، وأنها لا ناظر لها بوصية من أب ولا بولاية من قاضي، وأنها بحال بكورة؛ وكلت لها من يقوم بأمورها وأقمته مقام وصي، وأخرجتها إلى موضع مأمون للحالة التي اشتكت إليك. قال بذلك محمد بن عمر بن أبي لبابة، ومحمد بن وليد وسعيد بن معاذ، ومحمد بن غالب، وعبيد الله بن يحيى.
وفي امرأة رشد ولدها فذكرت أنه مبذر لماله:
قرأ القاضي – وفقه الله – بطاقة امرأة وزعمت أن ولدها رشد، وأنه غير شيد، وأنه قد أتلف ما أخذ من الناظر له، وسألت امتحان ذلك، ومن شأن القضاة إذا رفع إليهم مثل هذا أن يكشفوا عن ذلك، فإن ظهر لهم فساد بين أولى عليه، وإن ظهر له تثمير أو إمساك أعرض عنه.
فنرى – والله [نسأله التوفيق] – أن يكشف هذا الغلام والمرشد عن عدة ما قبض، فإذا سماها قال له القاضي: قد رفع الينا أن هذا قد زال عن يدك، فأين لنا ما صنعت فيما أخذت لينقطع عني ما أتخوفه في أمرك، فإن أظهر نظرًا خلى سبيله، وإن بان التلف أعيد في الولاية، إن شاء الله. قاله محمد بن غالب، وابن لبابة، ومحمد بن وليد.

الصفحة 112