كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

عليه إذا رشد وحسنت حاله وشهد بذلك، فما فعل في هذا الحال من بيع أو ابتياع، أو غيره مما ينظر فيه لنفسه؛ فهو جائز ماض، وإن لم يشهد على إطلاقه من الحجران قاض ولا وصي، وبهذا كان يفتي بعض من أدركته من الشيوخ.
وقد كان بعض من أدرته أيضًا يقول: من لزمته ولاية لم يخرج منها إلا بأن يشهد على إطلاقه منها قاضي أو وصي. قال أبو عبد الله: وهذا قول ضعيف، وبديل على صحة الأول ما رواه أشهب عن مالك في المولى عليه أن شهادته جائزة إذا كان عدلاً مزكي، وإن لم يدفع إليه ماله. وفي غير المغرب: روي انب عبد الحكم مثله. وقال أشهب: لا تجوز شهادته، وإن كان لو طلب ماله أخذه، واختاره ابن المواز.
وفي سماع سحنون عن ابن القاسم فيمن مات أبوه ولم يوص عليه؛ ما يؤيد ما ذكرناه من سماع عيسى، ومن قول ابن القاسم عن مالك وفقهاء طليطلة. وهي مسألة حسنة تركت نقلها لئلا يطول الكتاب بها، وفيها قلت: فإن كان لا يعرف بالشر ولا بالخير ولا بالتدبير، إلا أنه يشرب الخمر، وهو في ذلك ربما أحسن النظر في ماله أترى بيعه جائزًا؟ قال/ أرى مثل هذا جائز الأمر إذا وقع لعله لا يرد إذا لم يكن مولى عليه. قال ابن أبي زمنين: الذي كانت تجري عليه فتيا من أدركتا من الشيوخ أن المولى عليه إذا مات وصيه، ولم يوص به إلى أحد – حكمه في أفعاله كحكم من وصيه باق، حتى يظهر منه حال الرشد.
وذكر لي عن أبي عمر بن القطان أن القاضي ابن بشر قال لمن حضره من الفقهاء: ما تقولون فيمن أوصى على ابنه، وشرط أنه إذا بلغ عشرين سنة فهو مطلق؛ فمات الموصي وبلغ الموصي عليه هذه المدة، ثم تصرف بعد ذلك في بيع وغيره، وهو مجهول الحال، لم يظهر منه سفه، ولا خبر منه رشد ([- 26)؛ هل تكون أفعاله جائزة دون إطلاق الوصي له من الولاية؟
فقال أبو محمد بن دحون، وأبو محمد بن الشقاق: لا يجوز له بيع ولا غيره؛ إلا بعد ترشيده لأنه مولى عليه. فأخرج القاضي إليهم جواب أبي عمر أحمد بن عبد الملك الأشبيلي بأنه منطلق بذلك الشرط، جائز الفعل.
قال القاضي:
وبهذا أقول، وهو الصواب.

الصفحة 115