كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

قال ابن القطان: وبه أقول، وإياه أختار.
فيمن مات وترك ابنً كبيرًا وآخر صغيرًا ولم يوص عليه، فقدم القاضي من يقاسم على الصغير، وضمن الوكيل القسمة لا غير، فقام الصغير بعد بلوغه يريد فسخ القسمة، قال: إنه لم يلحقه بذلك التوكيل ولاية.
قال أبو عمر الأشبيلي: لا تلزمه الولاية بتوكيل القاضي من يقاسم عنه خاصة صغيرًا كان أو كبيرًا، وأما القسمة فجائزة عليه إن كانت في حال صغيره، وإن كانت في حال بلوغه وثبت عند القاضي أنه ممن يجب أن يولي عليه فلا اعتراض فيها، وإن لم يتعرف القاضي هذا، إلا أنه حين رفع إليه من يريد القسمة أجابه إلى ذلك ولم يكشف عن حالته؛ فلا تلزمه القسمة ويجب فسخها، ثم يقاسم شريكه إن كان رشيدًا، وإن كان سفيهاً قدم القاضي من ينظر عليه ويقاسم عنه [إن شاء الله]
وقال ابن دحون:
أما القسمة فلا اعتراض لأحد في فسخها، وأما تقديمه للمقاسمة عليه، فإن كان تقديمه ذلك بعد بلوغ الصغير، فلا يخرج من ولاية القاضي إلا بإطلاقه؛ لأن تقديمه للمقاسمة عليه بعد بلوغه يدل على أنه قد ثبت عنده أنه ممن يولى عليه، وأما قبل بلوغه فلا تلزمه بذلك ولاية بعد البلوغ إن شاء الله.
وقال أب الشقاق:
إذا قدم عليه من يقاسم عنه قبل البلوغ فالقسمة ماضية، وهو بذلك داخل في ولاية القاضي، ولا يخرج منها إلا بعد إطلاقه عنها، وإذا كان بعد البلوغ فلا تلزمه قسمة ولا غيرها؛ لأن والده لو أوصى به إلى رجل بعد بلوغه لم يلزمه ذلك، إلا أن يكون جدد سفهه في حياته؛ لأن أمره على الرشد عند جل أصحاب مالك حتى يثبت خلافه، ليس للقاضي أن يقدم من يقاسم عنه، ولا يدخل بما فعله من المقاسمة في ولايته؛ إذا كان يجب عليه إحضاره وتوقيفه على ما يطلبه أخوه، والكشف عن حاله كلها، والله أعلم.
وسألت ابن عتاب عن هذه المسألة، وقلت له: أرأيت الصغير إذا قدم له القاضي من يقاسم عليه شركاء في أصول أو غيرها، هل يلزمه بذلك الولاية حتى لا يخرج منها بعد بلوغه إلا بإطلاق؟ فقال: لا يلزمه ذلك التقديم إلا في ذلك خاصة، وحاله في غيره كحال من لم يقدم عليه، وهذا كله قول الأشبيلي وابن دحون، وهو الصواب.

الصفحة 116