كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

بذلك، وقد احتج لمذهبه ونصره بحجج بسطها ومسائل استشهد بها. قال: وأنا أقول بقوله، وأراه صوابًا. ذكر لنا ذلك في شعبان سنة ستين وأربعمائة.
والذي أردته في سماع ابن القاسم، قول مالك فيمن دفع إلى رجل مالا قراضًا، فلما أراد أن يخرج إلى سفره قال لصاحبه: إني أريد أن أخرج بمالي معي أتجر فيه، وإني لست أحمل على مالك نفقة، وأنا أنفق من مالي وأتحمل ذلك، قال: لا يعجبني ذلك، وهو عندي كما لو قال عند دفعه إياه، ولكن ليعمل فيهما، والنفقة على المالين وسواء قال له ذلك عند خروجه، أو عندما يدفعه إليه، وفيه تفسير، قال عيسى بن دينار: وتفسيره إن كان قال له ذلك في حين يجوز له منعه من الخروج به، لم يكن فيه خير، وإن كان ذلك في يحين لا يجوز له منعه من الخروج به، لم يكن في خير، وإن كان ذلك في حين لا يجوز له منعه، وذلك بعد أن يتجهز ويشتري، فلا بأس به، وهذا بين في الاعتراض على القاضي.
وفي كتاب الجواب في سماع عيسى عن ابن القاسم في رجلين اشتركا في الحرث على النصف أو الثلث؛ لأحدهما الأرض والآخر يعمل بيده وزوجه، فقال أحدهما لصاحبه: اجعل الزريعة كلها وعلى ثلثها أو نصفها أردها عليك، وعملا على ذلك وصلح الزرع، وكيف إن قال: أسلفني زريعة يعد عقدهما (أ - 30) الشركة؟
قال: الشركة فاسدة إذا اشتركا على ذلك، فإن وقع عملا فالزرع بينهما على الجزاء الذي اشتركا عليه، والمصيبة بينهما على قدره إن هلك الزرع، ويرجع المسلف على الآخر بسلفه متى شاء، وينظر إلى قيمة كراء الأرض وإلى قيمة عمل الآخر بيده وزوجه، فمن كان له فض رجع به دارهم أو دنانير لا في الزرع، وإن كان إنما سأله السلف بعد عقد الشركة ففعل، فليس به بأسن، والشركة جائزة حلال، ورواها أصبغ.
فقد أجاز ابن القاسم الطوع بسلف بالزريعة بعد العقد، ومذهبه في شركة الزرع أن لكل واحد منهما الخروج منها وتركها متى شاء ما لم يبذرا، فإذا بذرا لم يكن ذلك لمن أراده منهما، ولزمه العمل أحب أو كره، وكذلك رواه أصبغ عنه؛ فقد أجاز الطوع بالسلف في وقت لهما فيه ترك ما عقداه من الشركة، وفي هذه حجة للقاضي، ولعله بها احتج والله أعلم.
شوري في مال يتيم، كان أبوه قد دفعه قراضًا إلى رجل، ثم مات وأوصى بابنه إلى ذلك المقارض وغيره، ثم عزل وقدم مكانه غيره، بعد أن استعفى الثاني فأعفى، فطالب

الصفحة 129