كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

مذهب أصحاب مالك.
ثم قال سلمة بعد كلام اختصرته: وإن شئت قلت في الوثيقة قبل هذا: ومما طاع به الوصي على وجه النظر منه لمن عهد إليه، بعد عقد الوصية المذكورة في هذا الكتاب، من الحجة المخلصة والعمرة، إن عاق من إنشاء هذه الحجة عن فلان عائق في السنة المشتركة، إن أباح له الحج في السنة التي تليها، على ما قد وقعت المعاملة؛ كمن سلف في شيء معلوم إلى أجل مسمى، ثم طاع له بعد تمام العقد أن دفعته إلى عام ثان إن أعسرت جاز، ولو كان في العقد لم يجز؛ لأنه خطر.
ثم قال: وأما الاستئجار إذا لم يكن مضمونًا، فنقول في الوثيقة: دفع فلان وصي فلان من ماله إلى فلان كذا وكذا مثقالاً، برئ بها إليها على أن يحج عن فلان بنفسه، حجة مفردة في سنة كذا، وأكمل العقد، وذكر فقها اختصرًا أيضًا.
ثم قال: إن الوجه الثالث في الاستئجار في الحج البلاغ ووصفه.
وهذا الذي حكاه ابن حارث عن سلمة بن فضل، هو نحو الذي ذكر ابن أبي زمنين، وشرح مقاصدهم والتنبيه على ألفاظهم يطول، وحسبنا الإشارة إلى ذلك ومن أراد استيعاب المعاني تأملها في الأصول.
وقال ابن العطار: أمور الاستئجار في الحج وعقوده شاذة خارجة عن الأصول، وقد قيل: الاستئجار في الحج على وجهين، وإليه ذهب ابن حبيب في الواضحة، وهي الإجارة والبلاغ، وذهب بعض المتأخرين إلى أنه معنى ما في المدونة، وقيل: يتخرج منها أنه على ثلاثة أوجه، والوجه الثالث: الحج المضمون، وهو الصحيح عندي، وقد تقدم مثله.
مسالة وصية ابن الصديني، نزلت بقرطبة واختلفت فيها شيوخنا وهي تشتمل على معان وعلم كثير، والعلم نور تحويه الصدور، عهد ابن الصديني أن تخرج عنه ثلثه، فيفرق بعضه على أعيان، وباقيه لأم ولده سوان، يجعل لها ذلك في دار سكناه التي يداخل مدينة قرطبة.
وأقر لرجل بمائتي مثقال، وعهد أن يصدق فيها وتدفع إليه، دون يمين تلزمه، وجعل النظر فيه إلى أم ولده سلوان، وإلى الفقيه محمد بن أبي زعيل، وشرط عليهما مشورة الوزير محمد ابن جهور، وأن لا يفصلا في شيء من ذلك، إلا عن رأيه، وورثته ابنته وأخته عائشة.

الصفحة 140