كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

قال: له، هذا رجل عدل أيقبل قولهما عليه؟ ولكن يقال لهما بأي شيء تجرحانه؟ فينظر لمعروف مشهود هو، ولعل الذي يجرحانه به قديم.
وفي المختصر الكبير مثله.
قال القاضي أبو الأصبع: وهذا عندي ضعيف، والأول أصح في النظر، وعليه العمل في المحاضر.
قال محمد بن الحارث: أول ما ينبغي للقاضي أن يفعل عند حضور البينة أن يسهل أذنهم ولا يمطلهم بالوصول إليه لأنها قلقت وافترقت لصاحبها بعد أن حضرت واجتمعت وأن يتعسر لمن يشهدها جمعها مرة أخرى، فربما كان سبب لهلاك حقه أو بعضه بالمصالحة عنه لما أدركه من المشقة.
ولهذا رأيت بعض من حضرني ممن عني بالعلم عند رسمي لهذا الرسم قال كان فلان ابن فلان ممن امتحن بالخصومة، وكان يقول: نقل الحال أيسر من نقل البينة عنده.
فإذا أوصلهم في فهم وبسطهم ثم سألهم عن شهاداتهم فإن كانت تامة قيدها وإن كانت ناقصة سألهم عن بقيتها وإن كانت مجملة كلفهم تفسيرها وإن كانت غير عاملة أعرض عنهم إعراضا جميلا، وأمرهم بالقيام عنه، وأعلم المدعي أنه لم يأت بشيء ينتفع به.
من لم يعرف من الشهود إلا واحد فصرف الحكم عن نفسه:
في أحكام ابن زياد في امرأة قامت عنده بصداق لم يعرف من شهود الذين يعرفون قالوا إنهم يعرفون عينها غير شاهد واحد، ورأى أن غيرهم لا يتعدلون فصرفا عن نظره. قال لها: اذهبي إلى من شئت من الحكام فلعل غيري يعرف بينتك.
فاستحسن الفقهاء وقالوا: رب حق لا يثبت عند حاكم ويثبت عند غيره. فلا أعدم الله القاضي الشديد. وما زال بحمد الله مسددا مجتهدا.
وأحق ما اجتهد فيه البينات. قاله محمد بن وليد، وابن لبابة، وأيوب بن سليمان ومحمد بن غالب.
قال الشاهد: أشهدت فلانة ولم أعرفها بالعين:
قال عبيد الله بن يحيى، وابن لبابة ومحمد بن يحيى، ويحيى بن عبد العزيز في شهادة رجلين شهد على شهادة عبد الرحمن أن فلانة ابنة فلان أشهدتني، ولم يذكر في

الصفحة 41