كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

أهل العلم في توقيف ما يقوم الطلب فيه من العقار إذا أثبت شاهدًا عدلا.
فرأى بعضهم العقلة به واجبة. وحجتهم قول ابن القاسم في مسألة الزيتون التي فوق هذا.
ورأى بعضهم ألا تكون العقلة إلا عد شهادة شاهدي عدل وحيازتهما. وهذا الذي يجري به القضاء ببلدنا، والحجة فيه أن الغلة إنما تكون بالضمان، فهي للمطلوب حتى يقضي عليه، وضمانها منه قبل ذلك. ولا تكون للطالب إلا إذا كان الضمان منه، ولا يكون الضمان منه إلا بعد شهادة شاهدي عدل وحيازتهما إن شاء الله عز وجل هذا كله من كلام القاضي ابن زرب وإملائه.
وكان بعض من أدركت يقول في غلة المستحق لمن تكون ثلاث أقوال:
أحدهما: قوله في مسأةل الزيتون إنها للمدعي إذا شهد له شاهد عدل، على ما ذكرنا فيها.
والثاني: في المدونة قول مالك: الغلة للذي كانت في يده حتى يقضي بها للطالب؛ لأنها لو هلكت كان ضمانها من المطلوب.
والقول الثالث في الموطأ: وما أغتلت الأرض من غلة فهي للمشتري الأول إلى يوم يثبت حق الآخر؛ لأنه قد كان ضمنها. ويتصل بهذا الأصل معان لو تتبعتها لطال الكتاب معها.
ونزلت من معنى العقلة بشاهد واحد مسألة بقرطبة وكان بيننا فيها تنازل: وهي أن ابن عدوس قام في دار محبة مفصلة على دور بكتاب تحبيس أبيه إياها عليه وعلى غيره من عقبه، وأثبت كتاب تحبيسها عند الوزير صاحب الشركة والسوق أبي بكر بن حريش بالشهادة على الخط، وشهدت جماعة بحدودها، ولم يستوعب حيازتها من جميع أقطارها إلا شاهد واحد، ولم يكمل فيها لحكم حتى عزل الحكم. ثم شهد فيها أيضًا عند صاحب المظالم أبي بكر بن أدم بمثل ما تقدم في الأصل على الخط، وشهد قوم بمعرفتها، ثم لم يستوعب منهم حيازتها إلا شاهد واحد، واجتمع منهم اثنان فصاعدًا على حيازتها في جميع نواحيها إلا الناحية التي انفرد بها الواحد وأظنها الناحية الغربية.
وشاورنا في ذلك: فأفتيت أنا بوجوب عقلتها وإخراج المطلوبين منها – وهم بنو انب الخطي، والإعذار إليهم في الذين ثبت بهم التحبس، وفي الحائزين. فإن أتى المطلوبون

الصفحة 53