كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

كثيرة، فقلت له: إن المعمول به في ذلك بطليطلة أن يصل المستنسخ له بتاريخ العقد والكتاب منتسخ من الأصل للحاجة إليه، ثم يكتب الشهود شهاداتهم. فقال لي: ليس هذا بشيء؛ لأنه لا يفهم مثل هذا أهؤلاء شهود الأصل أم غيرهم. وهو كما قال.
الذي كنا نكتبه ورأيت من يعمله: فلان بن فلان الفلاني نقل شهادته من الكتاب الذي نسخته هذا حرفًا بحرف، وذلك في شهر كذا من سنة كذا.
وهذه كلها معان حسان لا يستغني عنها من رغب الازدياد في العلم والتوسع في القهم.
الشهادة على الخط في حبس:
ونزلت بقرطبة مسألة في حبس ثبت بالشهادة على خط شهوده إذ كانوا قد ماتوا، وكانت الدار المحبسة قد بيعت، فلما أعذر إلى مبتاعها في شهود تحبيسها وحائزيها استظهر بعقد أشهد فيه المحبس أنه متى حبس تلك الدار أو غيرها من أصوله فإنه إنما يفعله تقية لمن يخشى ظزلمه، وأنه متى أمكنه إبطال الحبس فإنه راجع فيه غير ممض له.
وشوورنا في ذلك فاختلفنا فيه. ورأيت إثباتها هنا لأنه حسنة مشتملة على معان، وكان الناظر فيها آخرًا صاحب المظالم عبيد الله بن أدهم.
فخاطبنا: يا سيدتي وأوليائي، نفذ إلي – أعزكم الله – توقيع المعتمد على الله، المؤيد بنصر الله، أبقاه الله، بالنظر في أمر الدار التي قام فيها بالتحبيس محمد بن سعيد على محمد ابن هشام، وهي الدار المعروفة بدار القلنية.
فحضر محمد بن هشام وصيره عبد الملك وكيل زوجته تقية بنت محمد بن هشام الثابت توكيلها عندي في مجلس نظري، وحضر معهما أحمد بن عثمان وكيل محمد بن سعيد المذكور بعد أن أثبت عندي من توكيله له على الخصام عنه، وله بوكالة التفويض التامة ما جاز له به الخصام عنه.
وأظهروا إلي نسختين متقدمتين في قطعتين، وهما تحت ختم عبد العزيز بن سوار ففضضتهما فرأيت إحداهما قد تضمنت عقد التحبيس الذي قام به محمد بن سعيد وحيازة الدار المذكورة فيه، وموت سعيد بن يوسف وورثته، وغير ذك مما تقيد فيه.
وتضمنت الأخرى عقد التقية التي أظهرها محمد بن هشام وصهره عبد الملك وكيل لزوجته، وابتياع محمد بن عبد الله بن ذكوان للدار المذكورة من سعيد بن يوسف

الصفحة 63