كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

يتزيد فيه من الطريق، وقال مالك: لا بأس بذلك إن كان لا يضر بطريق الناس.
وفي كتاب ابن سحنون:
سأله حبيب عمن أدخل في داره من زقاق المسلمين النافذ شيئًا، فلم يشهد به الجيران إلا بعد عشرين سنة. قال: إذا صحت البينة فليرد ذلك إلى الزقاق ولا تحاز الأزقة وفي موضع آخر: إن كان ضرر ذلك بينًا ولا عذر للبينة في ترك القايم بلك فهي جرحه، وهذا كله لم يقف القوم عليه ولا بلغته مطالعتهم، ولو علموه لنقلوه وآثروا ذكره وسطره على تكرار بعضهم كلام بعض بما لم يحل منه بطائل ولا جيء فيه بمعنى زائد.
وقول محمد بن غلاب: والعجب من الذي اختار قول أصبغ كيف فارق عمر وهو أعجب مما تعجب منه؛ لأنه تلم بغير تدبر وأنكر قبل أن يفكر؛ لأن قول أصبغ قد رواه عن أشهب فصار مختار ذلك مختارًا لقولهما، وقد أقر ابن غالب في جوابه ذلك بإمامة أشهب، فقد سلم لمخالفه أنه اختار قول إمام هذا الاحتجاج عليه من كلامه، ولو أنكر إمامه أشهب لم يكدح ذلك في إمامه أشهب، ولا في فقهه ورسوخه وتقدمه، كما لم يكدح قوله في تقدم أصبغ عيه، ومجاراته لشيوخه في العلم وانتقاده عليهم في كثير من المسائل.
أعرب أبي غالب بذلك الكلام عن جهل نفسه، وسجل عليها باتابع كله ناعق وبارتفاع الحقيقة عنده في العلم بأصبغ وعلمه وتقدمه، وحصل في الطائفة المذمومة المذكورة في تفسير علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – الناس حيث قال: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، الحديث. وقول أصبغ وروايته عن أشهب ينضاف إليهما ما ذكره ابن سمعان عمن أدركه من العلماء، ويوشك أن يكونوا من التابعين، مع اختلاف قول مالك في هذا الأصل.
ومن استظهر بهذا كله في جوابه لا يشنع عليه مخالفة عمر – رضي الله عنه – لأن هؤلاء كلهم لم يخالفوه إلا إلى أصل، ولا اجتمعوا على القول به إلا عن علم، مع أن حديث عمر وجواب أصبغ ومن وافقه مختلفًا المعنى في الظاهر؛ لأن المعهود في طرق الأسواق وأزقتها الضيق في مساحتها فمنع عن أن ينتقص منها، وهي مجتمع للناس فهم محتاجون إلى حيث يجولون ويتصرفون.
وكذلك في حديث عمر أنه قال، حين أمر بهدم الكير: تضيقوا على الناس السوق

الصفحة 643