كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

قلتم أكرمكم الله: أن المرأتين تستحقان الترس بعد أيمانهما، مع العقد الظاهر، ولم يأت ابن دينار بأحد يشهد له على الترس ولا بمدفع إلا ما قد عرفتم في أهل المسجد وشكيته بهم، وقد انصرمت الآجال في أهل المسجد وغيرهم، فهل يجب نزع ما ذكرتم في كتاب المشورة من الكلب ووصل العتبة الجديدة وما عليها من الرف على ما لخصتم في كتاب المشورة لو لم يشهد للمرأتين شهود من غير أهل المسجد مع يمينهما والعقد الظاهر الذي ذكرتم؟ أم لا يجب ذلك إلا بالبينة التي شهدت من غير أهل المسجد؟ أوضح لنا رحمك الله ما أرادته من ذلك.
قال محمد بن لبابة:
فهمت – أكرم الله القاضي، والشورى صحيحة إن تدبرتها وإنما قلنا: إذا تمت للمرأتين شهادة الشهود الذين شهدوا تم لهما ما قلنا من نزع الكلب في الوصل، وإن سقطت شهادتهم بما شكي من عداوتهم له وتظاهرهم عيه عادت المرأتان في الفتيا إلى ما قاله أهل اعلم أن الترس الذي له العقد، وبقول ابن الماجشون وأشهب: مع أيمانهما.
ويترك ما وجد فيه كما وجد لا يقلع، وليكن – أكرمك الله – رأيت من الرف والعتبة دليلا واضحًا ما يثبت به للمرأتين الترس ولا يقلع ما وجد فيه لابن دينار إلا ببينة تقطع، إلا فحسب الفريقين أن يتركوا على أن الترس للمرأتين وفيه لابن دينار خشب، ونسأل الله توفيقك وتسديدك على ما قلدك.
من أحد درجًا في داره وبلصق جاره وأدخل فيه خشبًا ومطبخًا يؤذيه دخانه:
قام عند الوزير صاحب الأحكام بقرطبة محمد بن الليث بن يحيى بن جعد بن مضح، وهند على إشراق مولاة محمد بن حي وقالا: إنها أحدثت في دارها بلصق الحائط الجوفي من دارهما التي بداخل مدينة قرطبة بالموضع المعروف بالتحيل بحومة مسجد أبي رباح درجًا يصعد عليه إلى غرفة لها وأن ذلك يضر حائطهما، وإنها أدخلت أطراف عتبتين في غراب مجلس دارهما وأطراف فرش غرفة أحدثتها لمطبخ دارها، وقالا: إن دخان هذا المطبخ يؤذي ساكني دارهما.
وأنكرت إشراق الأحداث، وأقرت لهما بالحائط، وثبت عنده إقرارهما وأن الغراب من حقوق دارهما وأن ملكهما مع سائر الدار لم يفوتا شيئًا من ذلك في علم شهدائه وحيز ذلك، وشهد عنده ابن الندى أنه يعرف الحائط المذكور منذ نحو عشرين عامًا لا درج

الصفحة 648