كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

إنما رأيت سقوط شهادتهما لأنهما شهدا بمدة طويلة من آخر معرفتهما الجدار لا عتبتين ولا فرش فيه، ويحتمل أن يكون الإحداث من حينئذ فكان يستحق بالقدم؛ إذ ليس من الضرر المتزايد كدخان الفرن وضرر الدخان وشبهه إن أثبت القائمين علمًا بذلك في هذه المدة كلها، قلت له: فإن القائم: لا أدي متى أحدث، قال: يحلف على ذلك أنه محدث ولا أدي متى أحدث.
وسئل ابن القطان عن اليمين المذكورة في جوابه كيف تكون؟ فقال: يحل القائمان في مقطع الحق: إن ذلك محدث وإن إشراق أحداثته، ثم يهدم عنهما، وسكت عن ذلك الدخان إذ لم يثبته القائمان، وسيأتي الكلام فيه وفي غيره إن شاء الله عز وجل.
من ادعى أن هذا بنى على حائط متعديًا:
فهمنا – وفقك الله – ما قاله أحمد بن محمد بن الوليد بن غانم، من تعدى أحمد بن قاسم عليه في حائط له، وامتداد أعوانه إلى البنيان على حائط، فالذي نرى أن يأتي هذا القائم أحمد بالبينة أو بشاهد عدل أو شبهه يجب بها عقل هذا الباني حتى يتم عندك إثبات ما ذكره. قال بذلك عبيد الله بن يحيى، وقال: وإن أرسل القاضي لامتحان ذلك بمن يثق به مجس، وقال بذلك ابن لبابة، وسعد بن معاذ، وابن وليد، ويحيى بن سليمان، ويحيى بن عبيد الله، وأحمد بن بيطر، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن.
قال القاضي:
محمد بن عبد الملك بن أيمن من أهل قرطبة، فقيه مشاور، حافظ لمذهب مالك، سمع بالأندلس من ابن وضاح وغيره، ورحل فدخل الأمصار وحمل عن جماعة من علمائها، وقد استغنى به القاضي الحبيب ابن زياد في ولايته الأولى عن ابن لبابة وأبي صالح ودارت الفتى يومئذ عليه، وتوفى في شوال سنة ثلاث وثلاثين وثلاثة مائة وكان مولده مستهل ذ الحجة سنة اثنين وخمسين ومائتين.
هدم سعيد بن مجاهد لبيتي محمد بن خالد:
شهدت بينة لمحمد بن خالد أنهم حضروه، يقول لسعيد ابن مجاهد: ما دعاك لنقضي بيتي الذي بقرية فلان، وأخذ خشبهما وعتبهما وقرامدهما؟ فقال سعيد أبوك أذن لي في ذلك، ولم يدع شيئًا غير هذا الإذن الذي زعم، وثبت ذلك من قوله عند السلطان وأعلمه بثبوته، فادعى أن عنده مدفعًا لما لم يشهد به عليه، فضرب له آجالاً واسعةً وتلوم عليه

الصفحة 650