كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

وجوب ابن القطان عندي أشبه، والله أعلم بالوصواب، وفي كتاب ابن سحنون من سؤال حبيب: وعن رف لحظور خارجة الرجل إلى دار جاره، ولا قصب عليه فأراد أن يضع عليه القصب فمنعه جاره، قال سحنون: ليس له منعه وإنما وضعت الحظور لهذا، وقال فيمن له رف خارج إلى دار جاره فبنى جاره جدار الرف جاره، وأراد أن يعلي بناءه على الرف: ليس له أن يبني فوقه؛ لأن صاحب الرف قد مل سماءه.
قال القاضي:
وهذه تدل عندي على ما ذهب إليه ابن القطان، وقال سحنون في جواب حبيب، من أراد أن يطر حائطه من دار جاره فمنعه، قال: ليس له منعه أن يدخل داره فيطل حائطه، وكذلك لو قلعت الريح ثوبًا عن كتفي رجل فألقته في دار رجل لم يكن له أن يمنعه من أن يدخل فيأخذه أو يخرجه إليه.
تعليق البنيان من حيطان الجوامع والمساجد:
كتبت بذلك في شعبان سنة ست وخمسين إلى قرطبة: هل يجوز تعليق حوانيت من حيطان جامع بلدة وكون الحوانيت محبسة عليه أم يترك ما حوله رحابًا؟ وهل لمن جاور مسجدًا أو جامعًا أو يغرز خشبة في جداره قياسًا على جدار جاره؟.
فكتب إلى ابن عتابك
كان الشيوخ – رحمهم الله – لا يمنعون من العليق من المساجد إذا كان التعليق لا يضر بها واتصلت بالدور والدور بها كان ذلك لدار المسجد أو لتلك الدار ولمن جاورها أن يغرز خشبه فيها إذا لم يضر بها ولا يمنع من ذلك.
وأما الجامع فلا تعلق منته جوانب إذا كان ما حوله فناء له لأنه منع للصلاة عند ضيقه أو لإمساك دواب المصلين وفيه تقييد لحاله، وهذا شأن الجوامع، وكان من حجة الشيوخ في ذلك حديث النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره (¬1) "
¬__________
(¬1) ... الحديث أخرجه مسلم ج 3، ص 1230 برقم 16099، والترمذي ج 3 من 635 برقم 1335، والبيهقي في الكبرى ج 6، ص 68 برقم 11155، والإمام الشافعي في مسنده ج 1، ص 224، والإمام الشافعي في مسنده ج1، ص 224، وأبو داود ج 3، ص 314، وابن ماجه ج 2، ص 7839 برقم 2335، والإمام أحمد في مسنده ج 2، ص 230، برقم 71545.

الصفحة 653