كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

فكيف بمن قصد إفساد مال غيره بإصلاح مال نفسه! وحديث الضرر، وحديث حجة الوداع غير منسوخي العمل بهما في جميع الأمصال على ما تقدم من التفسير، فيما فسره أهل العلم.
ومحال غير مسموح أن يعارض مثل هذين الحديثين وما قبلهما من القرآن من قوله: {ولا تبخسوا الناس اشياءهم} (الأعراف: من الآية 85) من رأى أحد من الفقهاء أو يتأول عيهم غير ما جرى في كتاب الله وسنة رسول (صلى الله عليه وسلم)، فهم رضي الله عنهم كانوا أعلم بما أراد الرسول بالحديثين، وفسروا معانيهما، ومن تأويل عليهم غير ذلك فهو غير مصيب.
وذكر بعض الفقهاء المخالفين لأبي المطرف ومن وافقه أن مالكًا قال فيمن بني جدارًا في داره ورفعه حتى منع جاره الشمس والريح: أن ذلك جائز، وقال: هذا يرد ما قاله من قال: أن ليس لعبد الرحمن أن يبني فرنًا بقرب دار عاتكة إذ يحط ذلك من ثمنها ويعيبها، وليس كما قال لأن غيره أثبت عندك أن العيب لاحق بدارها لقرب الفرن منها ولما يتوقع من النيران.
ومن أقام حائطًا في دار الإلب من أمرالحائط السلامة، اللهم إلا إذا كان الحائط غير حصين يحذر تهدمه وإفساد دار جاره، فيجبر على دفع الخوف عن جاره وما يفسد به داره، كما قال مالك في مثل هذا الحائط، وفيمن أراد أن يلقي نارًا في شعراء أرضه، فقال: إن كان غررًا أو خوفًا على أرض جاره منع من ذلك. فأين فرق بين دار وأرض؟ ولولا أن يطول الكتاب لاجتلبت من قول أهل العلم في هذا كثيرًا.
ولما ورد هذا الكتاب على القاضي أرسل به إلى الفقيه أبي عبد الله بن عتاب ورأيته عنده في أسطوان داره، فكتب إلى القاضي مجاوبًا عنه مستدلاً لصحة قوله بجواب نسخته: عصم الله القاضي بتقواه، ووافقه لما يحبه ويرضاه، أعلمتنا في مسألة الفرن المحدث الذي قامت به عاتكة عندك فيه، وذكرت أن دخانه يضر بدارها، أنه قد ثبت عندك أن إحداثه كان قبل الشورى بأشهر ستة أو سبعة، فأوجبنا عقله الفرن وقطع عمارته إلى أن يثبت عندك يه، وذكرت أن دخانه يضر بدارها، أنه قد ثبت عندك أن إحداثه كان قبل الشورى بأشهر ستة أو سبعة، فأوجبنا عقلة الفرن وقطع عمارته إلى أن يثبت عندك محدثه ما ذلك من قطع ضرر الدخان.
فعرفتنا بذلك أنه ثبت عندك أن ضرر الدخان الذي قيم بسببه قد ذهب عن دار

الصفحة 657