كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

قال القاضي:
في كلام ابن أبي زعبل تخاذل لمن تدبره، تركته كراهة التطويل، والصواب، فيما ذهب إليه ابن عاب، والله أعلم.
قيام ابني ابن المراثي على زوجة العمري في ضرر ذكراه من دارها على دارهما:
قاما عند الوزير صاحب الأحكام وذكر أن في دارها غرفة فيها باب يخرج منه إلى سقف بين يديه من دارها ويجلس عليه، ويطلع منه على غرفة في دارهما الملاصقة لدارها بداخل مدينة قرطبة، وبحومة الجامع وأنه قد يصعد من هذا السقف إلى سقف دارهما، لقرب رفوفهما من رف ذلك السقف، ويكشف الصاعد عليها ما في قاعة دارهما.
وأثبت في ذلك ضررًا عليهما، وأعذر في ذلك إلى زوجها وكيلها أبي القاسم. فأثبت عنها أنه لا ضرر من ذلك الباب على دارهما إذ لا يقع بصر الناظر منه على شيء من دارهما، لأنه مفتوح إلى غير ناحيتها، وقال: إنه لا يخرج أحد إلى السقف الذي بين يديه وأعذر إلى ابني أبي المراثي فلم يكن عندهما مدفع إلا ما توجبه السنة، وشاور الحكم في ذلك.
فأفتى محمد بن فرج:
يا سيدي ووليي، تصفحت خطابك وما أدرجت طيه، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "لا ضرر ولا ضرار" والاطلاع من الضرر الذي يجب قطعه، إلا أن الاطلاع الذي أثبته عندك أخو بكر لا يجب تطميس الباب، ولا قلع عتبته، إذ لا يطلع منه حتى يخرج إلى السقف، وإنما يجب أن تؤمر فاطمة أن تجعل على الباب المذكور شرجبًا وثيقًا عاليًا حتى لا يوصل منه إلى السقف الذي يطلع منه على دار بكر وأخيه.
وهذا كان راي القاضي محمد بن بيقي بن زرب، إذ نزلت هذه المسألة بعينها في أيامه فاقتد بالقاضي رحمه الله، فهو أهل من يقتدي به، وأنفذ ذلكعلى قاطمة، ولا منفعة لها في العقد الذي أثبت وكيلها أنه لا ضرر في الباب. ومن أثبت الضرر أعلم ممن نفاه إلا أن يكونوا عندك أعدل وأعرف من الآخرين وأبصر، فيجب حينئذ أن ترسل من قبلك من تثق بعد التهم وبصرهم إلى الدارين جميعًا.
فإن اتفقوا على الاطلاع نفذ قطعة بما ذكرناه، وإن اتفقوا على أنه من وقف على السقف المتصل بالباب لم ير من في دار بكر، ولا من في قصبته، ولم يتبين شخصه لبعد ما

الصفحة 662