كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

معه من ينظر إلى الذي أحدث، إذ صار في داخل غلق لا يمكن أن يوقف إليه من يستشهد به، فإن شهد عندك رسلك أن الذي أحدثه مضر به أمرت بصرف الضرر عنه، وإن شهد بغير ذلك حملتهما على ما يجب.
وقال ابن لبابة: ليس للخصم مقال فيما احتج به؛ لأن الضرر الذي يدعيه قاسم في غلق ممنوع عنه، فلهذا نرى إرسال القاضي لمعاينة الضرر. وقال بذلك أيوب بن سليمان وقال: قد بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) حذيفة بن اليمان مع القوم الذي اختصموا في خصر، فقضي به حذيفة للذين كان القمط من قبلهم ثم أخبر به النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: "أصبت (¬1) " وهذا الحديث أصلنا في الإرسال وفي معاقد الحيطان.
الشهادة في فرن وقناة أحدثا على دار رجل:
فهمنا – وفقك الله – الشهادات فرأيناها اجتمعت على إحداث الفرن وإضراره بدار عمرن واختلفت في معرفة القناة، فإذا عرفت من الشهود في القناة شاهدين، وكنت قد أعذرت إلى محدث الفرن في ذلك، فلم يكن عنده مدفع، فقد وجب عليه قطع ضرر الفرن، فإن لم يمكنه قطعه إلا بهدمه وجب هدمه، ولزمك الإشهاد للمقضي له بالحكم بالمقضي عليه وقطع الضرر، ويجري ما السماع في القناة على ما شهدوا به. والله نسأله التوفيق قاله ابن لبابة وأصحابه.
الحكم في قناة أنها محدثة وصاحبها يدعي قدمها:
قال ابن زمزم في القناة الجارية إلى الجنان: إنه لم يحدثها، وإنها لم تزل جارية على حالها، فالواجب – وفق الله القاضي – أن ينظر إلى هذه القناة رجلان تقبلهما، فإن شهد عليه بقدم، على ما يؤديه العيان، قبل لمن ادعى الإحداث: أقم البينة على ما ادعيت. وإن دل على أنها محدثة منع اضرر.
وإن أشكل الأمر فلم تقطع بينة بإحداث ولا بقدم وكان حالهما متوسطة أوجبت التوقف على البينة، قيل لمجريها: أقم البينة أنها جرت بحق وإلا فإن العداء ظاهر حتى يأتي بما
¬__________
(¬1) ... الحديث أخرجه البيهقي في الكبرى ج 6، ص 67 برقم 11150، والدراقطني في سننه ج 4، ص 229، وابن ماجه ج 2، ص 785 برقم 2343، والبزار في مسنده ج9، ص 251 برقم 370\ 91، والطبراني في الكبير ج 2، ص 259 حديث رقم 2087.

الصفحة 664