كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

وقال محمد بن وليد: الذي قال ابن لبابة في هذا الحق عندي، وبقوله في ذلك أقول وأسأل الله التوفيق. وقال خالد بن وهب: نظرت إلى القنوات التي بالمقبرة المنسوبة إلى عامر، إذ استركبنا القاضي فقولي قد تقدم في ذلك على ما كتبت به إلى الأمير – أعزه الله – في الكتاب الأول وبه أقول، وأنا عليه أن المقابر مقابر – المسلمين – أحباس المسلمين ليس لأحد أن يحدث فيها شيئًا، ولا ينقصها بما يكون ضرر بها.
وأما مجاري دور الساكنين عليها فواسع لهم أن يجروها على وجه الأرض يسيل فيها ماء السماء، لا يمنعون من ذلك الافتراق الماء إذا خرج على وجه الأرض وقلة ضرره، وهو حينئذ كالمطر يسيل عليها، ولا يمنعون من ذلك وأسأل الله التوفيق.
وقال سعد بن معاذ: قد تقدم لي فيها إلى الأمير _ أصلحه الله – ما تقدم، وهو مثل ما قاله أصحابنا، وبه أقول. وماء الحمام ظاهر النجاسة، وهو ماء الكنف، وهو جار إلى حفرة المقبرة فينبغي قطع جريه فيها، ولا يترك. قال جميعهم بمثل قول ابن لبابةوابن وليد.
وأوصى الأمير إلى القاضي بالكف عن النظر في ذلك، فكتب القاضي: أتاني سعيد المغيلي ن أصحاب الرسائل فأعلمنا أن الأمير – أطال الله بقاءه – يا سيدي بأن أقرط كتابًا أتاني به عليه طابع الأمير – أكرمه الله – ويعلمني أن أكف عما كنت قد شرعت فيه مما أمرني به – أبقاه الله - من النظر في القنوات التي تخرج إلى مقبرة عامر.
وكتب الأمير في ذلك إلى عبيد الله بن يحيى ليعلمه بقدم هذه السواقي أو حدثها:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أعلمنا بما عندك في السواقي الشراعة من دور الناس إلى حفرة مقبرة عامر، إن كانت قديمة لا يجب تبديلها عن حالها، أو مستحدثة مما يجب فيها النظر، فقد اختلف أصحابك وغيرهم في أسبابها.
وسبب ساقية الحمام المنسوب إلى ابن طملس، فقد أدركت من ذلك بالسن ما لم يدركه غيرك، ومع هذا فليس بين الحمام والحفرة التي إليها يصير ماؤه واساقية الخارجة من دار موسى بن زياد إلا يسير وإخال بعض السواقي التي فيها جاور مسجد منيقلة شارعة إلى حفرة غيرها مقاربة للدور والمساكن، إذ لا يكره من هذا ولا يقل إلا ما امتد وطال وبعد، فإن ضر ذلك إذا كان بين، فقل في هذا بما تستحسنه على ما أدركت منه، ومن قدمه وأوشك ذلك لتأمر فيه إن شاء الله عز وجل والله المستعان.

الصفحة 666