كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

جواب عبيد الله:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أعز الله الأمير وأكرمه وأدام إقامة السنن به، الذي أدركت – أكرم الله سيدي – أني أعرف المقبرة من تاريخ خمس وأربعين ومائتين سنة، منذ ثلاث وستين سنة، على الحال التي هي عليه، تحضر الجنائز بها ما سمعت مخلوقًا تظلم في شيء من مجرى ماء دورها إلى أيامنا هذه.
وأعرف الدار التي صارت إلى موسى بن زياد لرجلين من التجار يسمى أحدهما عيسى والآخر منتيل، ولا اشتكى مجرى ماء دورهما إلى هذه الأيام، وأعرف ماء الحمام من هذه المدة وهو في دار خلد النار، وماؤه يجري إلى الحفرة التي فيها مجراه اليوم، هذا الذي عرفت – أكرم الله الأمير – سيدي لم أسمع متكلمًا ولا مستنكرًا لشيء منه إلى الوقت الذي تهيج فيه من تهيج والله أسأل الأمير إطالة البقاء.
الشهادة في كوة مفتوحة لمجرى ماء على دار رجل:
شهد عندنا أبو صالح أنه دخل دار عمر بن عامر، فنظر إلى كوة لمجرى ماء دار عمر على دار زكريا دل على أنها قديمة، ولم ير في الدار كوة لجري ماء دار عمر سواها، ولا مصب لداره إلا تلك الكوة، وفي شهادته أنه دخل دار زكريا فنظر إلى حفرة الفرن المحدثة قبالة الكوة التي نظر إليها في دار عمر لقرب ما بينهما. وفي شهادته: أن دخان ذلك الفرن المحدث وحره مضر بعمر في داره، وشهد سعد بن معاذ بمثل ذلك.
فهمنا – وفق الله القاضي – الشهادتين الواقعتين في هذا الكتاب فرأيناهما اجتمعتا على إحداث الفرن والإضرار بدار عمر، واختلفت في معرفة القناة، فإذا عرفت من الشهود شاهدين مع شهادة أبي صالح أنه نظر إلى كوة لمجرى ماء دار عمر على دار زكريا، ولم ير في الدار كوة مجرى ماء دار عمر سواها، ولا مصب لماء دار عمر إلا تلك الكوة، وشهادة ابن معاذ بمثله.
وكنت قد أعذرت إلى محدث الفرن في ذلك ,أجلته آجالاً، فلم يكن عنده مدفع، فقد وجب على المحدث قطع ضرر الفرن، وإن لم يمكنه إلا بهدمه وجب عليه هدمه ولزمك الإشهاد للمقضي له الحكم على المقضي عليه بقطع الضرر وغمضاء القناة يجري ماء السماء على ما شهدوا فيه. قاله ابن لبابة، وعبد الله، وابن غالب، وابن وليد.

الصفحة 667