كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

قال القاضي:
هذا ما في بعض كتاب روايات السلطان من هذه المسألة، وذكرها ابن حبيب في كتاب البنيان والأشجار والمياه والأنهار. قال: سأل مطرفًا عمن اتخذ نحلاً في قرية تضر شجر القوم أو اتخذ برجًا فيه حمام وكواء للعصافير تأوي إليها، ويأخذ فراخها وهو تؤذي كما يؤذي الحمام في الزرع. قال هذا كله من الضرر، ويمنع من اتخاذ ما يضر الناس في زرعهم وشجرهم.
ولا يشبه النحل والحمام الماشية؛ لأن النحل والحمام طائر لا يستطاع الاحتراس منها كما يستطاع ذلك في الماشية، ألا ترى أن مالكًا قال في الدابة الضارية بفساد الزرع التي لا تحترس منها إنها تغرب، وتخرج وتباع على صاحبها، فانحل والحمام أشد وكذلك الدجاج الطائرة والأوز وشبهها مما لا يستطاع الاحتراس منه.
قال وسلت أصبغ عن ذلك، فقال لي: النحل والحمام والأوز والدجاج عندنا كالماشية، لا يمنع صاحبها من اتخاذها، وإن أضرت وعلى أهل القرية حفظ زروعهم وشجرهم وهذا أن ابن القاسم يقول.
قال ابن حبيب: وليس يعجبني هذا، وقول مطرف في ذك أحب إلي، وبه أقول، وهو الحق إن شاء الله، ولابن كنانة في المجموعة نحو قول أصبغ؛ لأنه لا يمنع قال: وأكره أن يؤذي أحدًا، وقال غيره لا يمنع صاحب البرج من اتخاذ منافعه في جداره وبرجه ولا من اتخاذ الدجاج والأوز وعلى أهل الزرع حفظه بالنهار.
قال القاضي:
هذا الموجود في كتابنا في هذه المسألة، وأما ألا يتخذ نحلاً على برج حمام قديم، فليس في أمهات كتبنا بمعلوم، وإنما هي النازلة التي جاوبوا عنها وأنكرنا قولهم أنها في كتاب السلطان بعينها، والله ولي التوفيق.
في شجرة قديمة مظلة على دار:
إذا ثبت به مخلد كتب به على نفسه أنه التزم قطع ما اظل من زيتونه على دار آمنة، ودفع الضرر عنها، قطع إلا أن يعذر بجهالة، وكان مثله يعذر، فإن عذر بجهالة وحلف بالله: ما التزمت ذك إلا وأنا أظن أنه يلزمني، نظر حينئذ في الزيتونة، فإن كانت قديمة

الصفحة 670