كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

سنين فما فوقها لم يقطع، وإن كانت غير قديمة قطع الضرر عنها. قال بذلك عبيد الله بن يحيى، وابن لبابة، أيوب، وابن وليد.
وقال يحيى بن عبد العزيز: يلزمه ما ألزم نفسه، وقال ابن لبابة: العشر السنين في الضرر قليل وهي قوله كانت تروي عن أصبغ بن الفرج، والذي روي عن أصبغ وعرف قوله، وسمعت بعض مشايخنا المفتين يقول: لا يستحق الضرر.
قال القاضي:
انظر جعلوا الضرر يستحق بحيازته عشرة أعوام فأزيد بمحضر الذي أحدث عليه، وقال ابن لبابة: هي قوله الأصبغ وجعلوه هنا كسائر ما يستحق من الأموال بطول الحيازة بمحضر القديم بعدها، وهذه القولة وقعت لأصبغ في نوازله في كتاب جامع البيوع من العتبية في مسائل ماء من دارك على دار جارك، وتركت نقل المسألة كراهة التطويل.
والقول الآخر عنه في كتاب آخر كتاب الاستحقاق فيمن أحدث كوة أو بابًا على دار غيره أو أندرًا على جنانة أو ميازب على حائط وهو حاضر ينظر ولا ينكر ولا يغير قال: لا يستحق هذا في السنين الخمس ولا العشر بعد أن يجعلوا له أنه ما كان عن رضى ولا تسليم إلا أن يطول بالدهور الكثيرة جدًا، يحمل على ذلك أنه حق يستحق بالحبازة، وقال ابن حبيب في شرح قول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لا ضرر ولا ضرار": هما كلمتان بمعنى واحد رددتا توكيدًا في المنع مننه، وقد يأخذه تصريف الإعراب فالضرر الاسم والضرار الفعل.
وقوله: "لا ضرار" أي لا يدخل على أحد من أحد ضرر وإن لم يتعمده، "ولا ضرار" أي لا يضار أحد بأحد. ووجوه الضرر كثيرة تستبين عند نزول الحكم فيها، منها دخان الحمامات والأفران وغبار الأندار ورش دباغ الدباغين إذا أضر ذك بمن جاوره، قيل لمحدثه: احتل له وإلا فاقطعه، وسواء كان قديمًا أو محدثًا.
ولا يستحق الضرر بالقدم إلا أن يكون الضرر أقدمن المتأذي به، ولا تكون الحيازة في أفعال الضرر حيازة تقوى بها حجة محدثة، بل لا يزيده تقادمه إلا ظلمًا وعداء. قال في آخر المسألة: هكذا فسر لي من لقيت من أصحاب مالك عندما كشفتهم عنه، وفي المسألة طول اختصرته.

الصفحة 671