كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

وفي كتاب السداد:
سئل عيسى بن دينا عمن له منصب حيتان صاد فيه أعوامًا، ثم شكى جيرانه أن ذلك يضر بهم، واحتج هو باستحقاقه ذلك عليهم هذه الأعوام، قال: لهم أن يمنعوه.
قال القاضي:
وهذا نحو ما ذكره ابن حبيب، ونحو أحد قول أصبغ، وقد تقدم لسحنون في مصب ماء على دار جاره أنه يستحقه في الأربعة الأعوام.
وقال ابن أبي زمنين: رأيت في مسائل سئل عنها يحيى بن إبراهيم بن مزين، ما كان من الضرر يبقى على حال واحدة لا يزيد، كفتح الباب والكواء يطلع منها وشبه ذلك، فإن محدثه بمحضر ممن أحدثه عليه؛ يستحقه في مثل ما يستحقه به ما يحاز بطول الزمان، وما كان ضرره يتزايد كالكنف؛ فلا يستحقه محدثه بطول حيازة ويقطع عن المستضر به متى قام فيه، وكذلك الدباغ لأنه مما لا يبقى على حالة واحدة، قال: وهذا الذي علمناه ولم نزل نسمعه.
قال القاضي:
وقول الشيوخ في ملتزم قطع الشجرة: أنه إن قال: جهلت أنه لا يلزمني، وكان ممن يعذر بالجهالة؛ حلفه على ذلك ولم يكن عليه أن يقطع: وهو أصل مختلف فيه. قال ابن القاسم في رسم أمهات أولاده، فمن تصدق على ابنه بدنانير وعمل له فيها فمات وهو في يديه، فانفذها له الورثة ثم أرادوا الرجوع فيها: الناس في هذه مختلفون، أما أنا فأرى أن يحلفوا – أن كانوا معرفين بالجهالة – أنهم إنما انقذوها له، وهم يرون أن ذك عليهم يلزمهم، ويرجعون فيها فيأخذونها، وهذا جواب الشيوخ في مسألة مخلد الشجرة.
وفي كتاب الصدقة أيضًا في نوازل سحنون:
فيمن تصدق على أخيه بنصف ماله في مرضه مرضًا ليس مندفًا دام به سنين يخرج في حوائجه يقضيها، وقبض أخوه الصدقةوجازها سنين، ثم مات المريض المتصدق، فقام ورثته على المتصدق عليه وقالوا: لا تجوز لك هذه الصدقة لأنها كانت في المرض، وإنما لكل منها الثلث، وقد سالنا عنها الفقهاء، فقالوا هذا؛ فرد إليهم ما زاد على الثلث، ثم علم أن الصدقة كلها جائزة.
قال سحنون: ومن يعلم أنك جاهلاً أن جميع الصدقة لك، أنت تدفع مالك

الصفحة 672