كتاب ديوان الأحكام الكبرى أو الإعلام بنوازل الأحكام وقطر من سير الحكام

بعد ما حزته ثم تدعي الآن الجهالة؟ ما أرى لك فيما دفعت إليهم حقًا، فقال السائل: أنا أقيم البينة أنهم قالوا لي: لا يجوز لك من الصدقة إلا الثلث، وأن الفقهاء أخبرونا بذلك، فقال لهم: أما إن أقمت البينة على هذا فأرى أن ترجع عليهم بما أخذوا.
ونحوه في نوازله في آخر الدعوى فيمن قتل رجلاً له وليان، فصالح أحدهما على نصيبه بألف دينار، ثم صالح الآخر بألف، إذ خاف القتل، ثم أخبر أنه لا قتل عليه فقام على الثاني ليسترجع منه خمس مائة دينار، فقال سحنون: لكل واحد منهما ألفه والصلح جائز إلا أن يثبت عند الحكم أنه إنما صالح الباقي وهو يرى أن له قتله فيرجع حينئذ بخمسمائة دينار.
وفي الشهادات في نوازل أصبغ في هذا الأصل إلا رجوع له ولا قول، وكذلك في سماعه في كتاب النكاح، وفي رسم أوصى لمكاتبه في التخبير، وهو أصل مختلف فيه كما قال ابن القاسم.
قال أبو عبد الله بن عتاب:
سمعت شيخنا القاضي أبو عبد الرحمن بن بشر يقول غير مرة: كان أبو عمر أحمد بن عبد الملك الإشبيلي يقول لنا: سبعة أشياء لا يعذر فيها بالجهالة مدعيها.
قال القاضي: وكان لا يذكرها لنا وإذا سألناه عنها لم يشرحها لنا.
قال القاضي:
فتتبعت ذلك إلى وقتي هذا فلم أجد إلا بعضها، ثم أخرج إلى كتابه الذي علقها فيه فكتبتها من خطه وقرأتها عليه وهي: إذا قام الشفيع أكثر من عام وهو عالم بشفعته ثم أراد الأخذ بها وادعى الجهالة فإنه لا يعذر، وفي كتاب الأخبار إذا علمت الأمة أنها أعتقت فوطئها زوجها ثم أرادت أن تختار نفسها وادعت الجهالة فإنها لا تعذر.
وفي كتاب الرجيم: إذا وطء المرتهن الجارية الرهن وادعى الجهالة حد ولم يعذر، وفي كتاب السرقة: من سرق خرقة أو ثوبًا لا يساوي ربع دينار فأكثر أنه إن كان سرق نم ذلك ما يسترفع في مثله قطع ولم يعذر بالجهالة، وفي التخبير في رسم إن خرجت من سماع عيسى، فيمن ملك امرأته أمرها فقضت بالبتة فلم يمكر عليها، وادعى الجهل وظن أن ذك لا يلزمه وإراد أن ينكر عليها حين علم فإنه لا يعذر بالجهالة.

الصفحة 673